نفسها أن الأخبار الواردة فى كتب الأدب عن "قيل" و"أذوى" حمير (أى الملوك وأمراء الإقطاع) قامت فى جملتها على خلط. ولا تزال قوائم الملوك التى وصلت إلينا بهذه الطريقة، والأعمال التى قام بها التبابعة منفردين أكثر تعرضًا للشك. ونجد فى القرآن الكريم إشارات إلى قصة العهد القديم عن ملكة سبأ (انظر - Zeitschr, der Deutsch. Mor genl جـ ١٥، ص ٦١٠ وما بعدها) وعن حملة أحد التبابعة على مكة. وفى عهد جد متقدم بدأ مفسرو القرآن الكريم والقصاص فى بلاط الخلفاء الأول يهتمون بالتاريخ القديم لتلك البلاد (ابن عباس، كعب الأحبار، وهب بن منبه، عبيد بن شريه) وهم وإن كان كثير منهم من أهل اليمن، فإنهم لم يعنوا كثيرًا بالروايات الصحيحة الشائعة عنايتهم بالأساطير الدخيلة مثل قصة الإسكندر والإسرائيليات، كما أضافوا مادة أخرى من مخيّلهم.
والآثار الأخيرة لهذا الضرب من البحث التاريخى عبارة عن كتب شائعة لا يزال يشغف بها الشعراء مثل قصة بلقيس وذى القرنين وسيرة سيف بن ذى يزن إلخ. على أن ثمة كتبًا ثلاثة ألفها كتَّاب يمنيون هي: التيجان فى ملوك حمير لابن هشام كاتب السيرة النبوية المشهور، والإكليل، وصفة جزيرة العرب للهمدانى، وهذه الكتب أرصن من سابقتها، أضف إلى ذلك القصيدة الحميرية بما عليها من شرح لغوى وتعليق عنوانه "شمس العلوم" لنشوان (المتوفى سنة ٥٧٣ هـ) فقد قرأ هؤلاء كتابات المسند القديمة، ولو أن لغتها لم تكن بعد مفهومه لهم تمامًا، وأفادوا منها فى أبحاثهم الخاصة بالأنساب والتاريخ؛ أما مدى ما أفادوه من الروايات المحلية القديمة فلا يزال قيد البحث، ومهما يكن من شيء فقد استقلوا بآرائهم عن العلماء الذين ذكرناهم، ولا يمكن الاعتماد فى كتابة التاريخ الصحيح إلَّا على المعارف المتصلة بالقرن الأخير قبل الإِسلام.
[المصادر]
تجد ثبتًا خاصًا بالمصادر وبخاصة عن قراءة النقوش القديمة إلى ١٨٩٣ فى: