أبو بكر يوسف بن أبى بكر بن محمد سراج الدين الخورازمى: ولد السكاكى فيما وراء النهر فى الثانى من جمادى الآخرة سنة ٥٥٥. وكان فى أول أمره صانع معادن، وقد مهر فى حفر السكة ومن ثم لقب بالسكاكى، وكان يصنع أيضا الأقفال الدقيقة. وقد صنع يوما محبرة لها قفل ولم يزد وزن الاثنين على قيراط واحد. وأهدى المحبرة إلى والى الإقليم الذى كان يعيش فيه، ولم يذكر كاتب سيرته اسم هذا الوالى. وقد كوفئ السكاكى على ذلك المكافاة المناسبة، ولكن سرعان ما أقبل رجل على مجلس الوالى فقوبل بمظاهر الإجلال والتعظيم فعجب السكاكى لذلك، فلما سأل عن الرجل قيل له إنه من أهل العلم. ورأى السكاكى أن العلم موضع الإجلال والتعظيم أكثر من الحرفة اليدوية فعزم على أن يصبح هو نفسه فقيها. وكانت دراساته الأولى بعيدة كل البعد عن التوفيق والنجاح، فكان إخفاقه سببا فى فتور همته، ولكنه لما رأى أن الماء إذ يسقط نقطة نقطة سقوطا متداركا ينقب الصخر عاد مرة أخرى إلى دراسته. ولا يعرف عن حياته إلا النزر اليسير، ذلك أننا نجهل أسماء شيوخه وأسماء تلاميذه، وليس من شك فى أن ذلك يعود إلى غزوة المغول لبلاده فى أخريات أيامه. ويعد السكاكى من فقهاء الحنفية. ويذكر من شيوخه فى فقه الحنفية سديد الخياتى ومحمود بن سعيد بن محمود الحارثى، كما يذكر واحد من تلاميذه وهو مختار بن محمود الزاهدى صاحب كتاب الفقه الحنفى المسمى "الكنية". وتوفى السكاكى فى قرية الكندى بالقرب من مدينة ألمالغ (ويذكرها الجغرافيون باسم ألمالق) من أعمال فرغانة سنة ٦٢٦ هـ. وينسب إليه بصفته من الترك بعض الأشعار التركية، ولكن شهرته تقوم على كتابه العربى "مفتاح العلوم" وهو أشمل كتاب فى البلاغة إلى عهده. وعلى الرغم من شهرة هذا الكتاب الفائقة فإن مخطوطاته نادرة، ذلك أن المختصر والشرح الذى وضعه