القزوينى للقسم الثالث من هذا الكتاب بعنوان "تلخيص المفتاح" قد غلب على الأصل منذ عهد متقدم، وأصبح هو العمدة فى هذا الموضوع، وقد شرحه كثير من الشراح. وهناك سبب آخر حجب كتاب مفتاح العلوم وهو لغته البالغة الصعوبة التى كانت تستغلق أحيانا على الفهم لطول جمله طولا لم تألفه اللغة العربية، ولعل ذلك يرجع إلى تأثير اليونان؛ وقد يكون مرجعه إلى أن السكاكى درس أيضا ترجمات الكتب الفلسفية اليونانية، فقد كان معاصرا لنصير الدين الطوسى الذائع الصيت. ومما له دلالة أيضا أنه كان على قلة ذكره للمراجع يشير فى كثير من الأحيان إلى أقوال الرمانى الذى كان فيما يقال متبحرًا فى نظريات النحو الفلسفية. ومن حسن التوفيق أنه يمكن الحصول على هذا الكتاب فى طبعتين (القاهرة عام ١٣١٧ فى حجم صغير، والقاهرة عام ١٣١٨ فى حجم كبير) وهما وإن كانا قد طبعا من غير تشكيل -والتشكيل لا غنى عنه بالنسبة لهذا الكتاب- فإنهما يتيحان لنا أن ندرس هذا الكتاب. وخطة المؤلف الأصلية تقوم على تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أقسام كبرى: علم تكوين الكلمات وتركيبها، وعلم النحو، وعلم البلاغة. وقد أضاف إليه فروعا أخرى تمت بالصلة لهذا العلم. ويسبق الجزء الخاص بعلم تكوين الكلمات وتركيبها فصل فى علم الأصوات يبين من الناحية النظرية النطق الصحيح للأصوات العربية، على حين يضمن الجزء الخاص بالبلاغة فصولا فى علم البديع. وقد حاول السكاكى تصنيف الموضوعات تصنيفا علميا، إلا أن أقسامه تختلف فى عناوينها كما تختلف فى ترتيبها، فالكتاب الأول مقسم إلى ثلاثة فصول، على حين ينقسم الكتاب الثانى إلى فصول وأبواب عدة لم يرقم ما جاء منها فى نهاية الكتاب. وينقسم الجزء الأكبر من القسم الخاص بالبلاغة إلى قوانين، ثم تنقسم هذه القوانين إلى فنون. ويشتمل الجزء الخاص بالبيان على أصلين وخمسة فصول، كما