وقانونا الأحوال الشخصية في الشمال الإفريقى (القانون التونسى لسنة ١٩٥٦ والقانون المراكشى لسنة ١٩٥٨) قد أخذا عامة بمبادئ الفقه المالكى في هذا الشأن، وأضافا تعديلات قليلة استوحت الفقه الحنفى ولم تكن في جميع الأحوال موفقة كل التوفيق. ومن ثم فإنه يتعذر على المرء أن يفهم العلة في أن القانون التونسى في المادة السابعة والستين منه قد حدد مدة الحضانة بسبع سنين للصبيان وتسع سنين للبنات، على حين أن معظم البلاد التي تأخذ عملا بالمذهب الحنفى قد خرجت على هذه القاعدة التي يقول بها مذهبها. ثم حدث تأثر بالمذهب الحنفى مرة أخرى حين أجازوا للمرأة الحاضنة، بل للأم نفسها التي انفصلت عن زوجها، أن تطلب مكافأة بخلاف النفقة المقررة من الأب لطفله (المادتان ١٠٣، ١٠٤ من القانون المراكشى) والمادة ٦٥ من القانون التونسى تقرر في عبارة محتشمة أجرًا للحاضنة على الغسيل وإعداد الطعام للطفل. ويصطنع القانونان حلًا يشبه شبهًا غير بعيد ما قضى به المذهب الحنفى بشأن الخلاف في الدين بين الحاضنة والطفل. والمادة ١٠٨ من القانون المراكشى حافلة في هذه المسألة بنتائج طول مدة الحضانة استقاها القانون من المذهب المالكى.
وكل حاضنة من غير المسلمين (والحالة الوحيدة كشف عنها العمل) تحرم من حضانة الطفل المسلم حين يبلغ الخامسة، وتستثنى الأم من ذلك إلا إذا حاولت أن تخرج الطفل من الدين الإسلامى وفى هذه الحالة أيضا تفقد الحاضنة حضانتها.
[المصادر]
(١) تتناول كتب الفقه جميعًا هذه المسألة بالتفصيل في باب النفقات في كثير من الأحيان.
(٢) انظر بصفة خاصة السرخسى: المبسوط، القاهرة سنة ١٣٢٤ هـ. جـ ٥، ص ٢٠٧.
(٣) الكاسانى: بدائع الصنائع القاهرة سنة ١٣١٣ هـ, جـ ٣، ص ٤٦.