ولحقت سودة بالنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى المدينة هى وبناته، فى السنة الأولى للهجرة. وكان بيتها هى وبيت عائشة أول ما بنى فى مسجد المدينة.
وكانت سودة عندما تزوجت النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] قد ودعت الشباب، وأخذت تثقل وتثبط كلما تقدمت فى السن حتى أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] سمح لها فى حجة من حجاته أن تدرك صلاة الصبح فى منى قبل الزحمة خشية دفع الناس لها. ثم طُلقت فى السنة الثامنة للهجرة، ولكنها قعدت له على طريقه وناشدته أن يردها وقالت "أمسكنى، وواللَّه ما بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى اللَّه يوم القيامة زوجا لك"، ورضى النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، ونزلت فى ذلك الآية ١٢٧ من سورة النساء.
وكانت سودة امرأة محسنة دمثة الخلق. والظاهر أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- عناها بقوله وهو يخاطب أزواجه "أطولكن يدًا" أى أعظمهن برًا وصدقة، وأنها أسرعهن لحاقًا به إلى الجنة. وقد كانت عائشة تقول:"ما من الناس امرأة أحب إلى أن أكون فى مسلاخها من سودة بنت زمعة. . . ".
ولم تشترك سودة ولا زينب بنت جحش فى حجة الوداع، ولم يصل إلينا خبر عن حياتها بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] سوى أنها أصابت شيئًا من المال على يد عمر. وقد نستدل من ذلك ومن عدم ذكر شئ عن مهرها على أنها كانت معسرة، ولو أنها أخذت نصيبها فى غنائم خيبر. وتوفيت سودة بالمدينة فى شوال سنة ٥٤ هـ فى خلافة معاوية الذى ابتاع بيتها فى المسجد هو وبيت صفية بمائة وثمانين وألف درهم.