هذا وليست الشريعة الفقهية العملية هى العنصر المميز للتفكير الإسلامى فحسب، ذلك التفكير الذى كانت له جولاته الفلسفية العامة؛ وله ميدانه الخلقى النظرى والسلوكى، وله. . وله. . من الميادين ما لا يفهم معه هذا القول بأن الشريعة هى العنصر المميز لهذا التفكير! ! وكيف والصوفية، وهم من هم فى الحياة الإسلامية، يحملون على التفكير الفقهى هذه الحملة القاسية، ولا يرونه كافيا لنجاة المسلم، ثم كيف يقال هنا، بعد الذى سمعنا من قول الصوفية، مهما يكن شأنهم: إن الشريعة، هى لب الإسلام نفسه! ! ثم أضف إلى هذه العبارات الملقاة على عواهنها دون بيان، ومع المخالفة لما قبلها، قول المادة: وهى -الشريعة- إلى جانب ذلك نوع خاص من "القانون المقدس"! ! فهذا التقديس اللاهوتى للشريعة ليس مما عرفته البيئة الإسلامية كثيرًا، ولا ادعاء الفقهاء أنفسهم؛ لأنهم حدثوا عن الخطأ فى الاجتهاد؛ وعرفوا الاختلاف الشديد بين رجالهم؛ وهو ما لا يفهم معه شئ من هذه القدسية للشريعة التى هى أحكام عملية! ! وكيف توصف بشئ من القدسية بعد الذى قيل من حديث الصوفية عنها! ! لا وجه لهذا يبدو للعقل إلا أن تكون هذه العبارات تمهيدًا لما أسرفت فيه المادة بعد ذلك من تقرير أن الشريعة الإسلامية تَعبدية تَعْلو على المدارك البشرية! ! ولا تعلل! ! الخ ما سنقف عنده قريبًا.
[٣ - الإجماع قديما. . وحديثا]
ورد فى المادة ما عبارته:". . وعند المتأخرين صارت المعرفة بالشريعة، تعتمد على نحو قاطع من المذاهب الفقهية، التى اشتملت على أدق وأصغر المسائل التفصيليه، والتى كان مرجعها الأخير إلى الإجماع، وهو الحجة التى لا يعرض فيها الخطأ؛ وكان لا يجوز لمسلم من أهل السنة أن يتنصل من حكم الإجماع، ولكن المهدى محمد بن أحمد فعل ذلك. . . ويفعله أصحاب التجديد".
وهى عبارة تجعل للإجماع الأهمية الفريدة والكبرى قديما، وتشعر أن عمل مهدى السودان والمجددين المتأخرين هو وحده الذى لم يجعل للإجماع هذه الأهمية! ! ولكن الحقيقة غير ذلك؛ لأن