للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجماع منذ القدم تثار حوله أبحاث مختلفة، لا تجعل له هذه الأهمية المبالغة المسرفة فى عبارة المادة؛ ونجد هذه الأبحاث فى كتب الأصوليين جميعًا؛ فمن القوم من يتحدث عن نفى تصور وقوع الإجماع! ! كما أن المتّفقين على تصور انعقاد الإجماع، قد اختلفوا فى إمكان معرفته والاطلاع عليه! ومنهم من نفى إمكان هذه المعرفة، وذلك الاطلاع على الإجماع؛ ومن النافين لهذا الإمام أحمد بن حنبل فى إحدى الروايتين عنه، ولهذا نقل عنه أنه قال: "من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب" -الآمدى- الأحكام ١: ٢٨٤. ط المعارف سنة ١٩١٤ - ويقول فى تتمة عبارته هذه: "لعل الناس قد اختلفوا. . . ما يدريه، ولم ينتبه إليه، فليقل لا نعلم الناس اختلفوا- ابن حزم فى كتابه الإحكام -أيضًا- جـ ٤: ١٨٨ ط الخانجى-، وفوق ذلك أن من المسلمين من نفى أن الإجماع حجة شرعية، يجب العمل بها على كل مسلم، كالشيعة والخوارج والنظام؛ ولئن نص كاتب المادة على أن ذلك لا يجوز لمسلم من أهل السنة، فإن وجود هذا القول فى الميدان الإسلامى بين كثرة كالشيعة لا يجعل من السهل نفى جواز أن يتنصل السنى من حكم الإجماع، ولا سيما أهل العصر الحديث، وفيهم الداعون إلى التقريب بين المذاهب، المؤثرون للوحدة. .

على أن القائلين بحجية الإجماع أنفسهم يعودون فيختلفون فى أنه إجماع من؟ فيجعل تارة إجماع أهل المدينة، وتارة إجماع أهل البيت، بل يصل الأمر إلى القول بإجماع أهل الكوفة -إحكام ابن حزم ٤: ٢١٨ - ويتساءلون عن المجمعين من هم؟ فقيل هم الصحابة لا غير. . . ومتى يكون الإجماع؟ . . وكيف؟ فقيل. . وقيل. . مما لا نستقصى منه شيئًا هنا, ولا نرجع قولًا، ولكنا نعرض هذا كله فى إشارات فقط، ليتبين أنه ليس من السهل أبدًا، مع كل هذا الذى قيل عن الإجماع: أنه هو المرجع الأخير للمذاهب الفقهية، وهو الحجة الكبرى, التى لا يعرض فيها الخطأ؛ وأنه كان لا يجوز لمسلم من أهل السنة أن يتنصل من حكم الإجماع؛ وأن هذا النظر فى الإجماع وقوته عمل حديث، ينسب إلى مهدى السودان،