الشام أو سورية: منذ عهد سحيق اجتذبت هذه البلاد الخصبة "أرض الحنطة، أرض الكروم والخبز" البدو، جيران سورية وفلسطين، وقد نجح هؤلاء فى التسلل إلى النواحى التى تحف بالصحراء مجتمعين قبائل بأسرها حينًا، ومتفرقين شراذم حينا آخر، وأقاموا هناك منذ بداية القرن الثانى الميلادى إمارات فى حمص، وتدمر، وبطرة، وسرعان ما اصطنعوا لغة سورية وحضارتها. وفى القرن الخامس الميلادى وُكِّل إلى أمراء غسان الدفاع عن الحدود السورية، ولم يلبثوا أن اعتنقوا المسيحية، وكذلك فعلت القبائل التى راحت تتجول فى القرن السادس الميلادى صاعدة هابطة بن الفيافى التى تفصل سورية عن بلاد العرب، وهم بنو كلب، وبنو لخم، وبنو جذام وكان هؤلاء العرب السوريون يتحدثون كما تبين من حالة بنى كلب، بلسان مشترك هو مزيج من العربية والأرامية ينتسب بلا شك إلى اللهجة الصفوية، ومن ثم كانت أية جماعة من هذه الجماعات خليقة قبل الهجرة بأن تضيف اسمًا لديوان العرب؛ وكانوا جميعًا يعتقدون أنهم سوريون، لا تربطهم بعرب نجد والحجاز إلا صلات تجارية. وقد حاربوا فى غزوة مؤتة مع الروم فى قتالهم الغزاة القادمين من المدينة.
الفتح العربى: إثر وفاة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-](٨ يونية سنة ٦٣٢) وفى مستهل بيعة أبى بكر بالخلافة حدثت الردة فى بلاد العرب، وبعد عام من هذا التاريخ تكونت من بين البدو النازلين حول المدينة الذين اشتركوا فى اخماد هذه الفتنة. . جماعات قدموا إلى الشام نزولا على أمر كان أصدره النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تولوا حكم هذا الإقليم الذى خلا حينذاك ممن يدافعون عنه. وظن سرجيوس أمير قيسارية أنه لن يلقى إلا غارة من الغارات المألوفة يقوم بها بدو من أهل السلب والنهب فأسرع لملاقاتهم فى جيش من بضعة مئات من الرجال جندوا على عجل؛ وداهم العرب المجتمعين فى وادى العربة إلى الغرب من البحر الميت. ولكن تفوق العرب على