ولقد كان القرن التاسع عشر قرنا آذن القدس بشر مستطير فقد التهمت النيران معظم القسم الغربى من القبر المقدس، وحينذاك منح السلطان محمود الثانى اليونان حق إعادة بناء المبنى فغضب الانكشارية لقيام غيرهم بهذا العمل كما أنه فرضت ضرائب باهظة على المدن والفلاحين مما أدى إلى حدوث فتنة فى ١٨٢٥ م عمت أرجاء البلاد، وبعد أحداث جِسام أمكن التغلب على الفتنة.
[القدس من ١٨٣١ حتى ١٩١٧ م]
أخذت أعداد سكان القدس المسيحيين فى الزيادة كما زادت أعداد اليهود، ولما تم فتح فلسطين عام ١٨٣١ م على يد إبراهيم باشا ابن محمد على والى مصر سعى لتكوين حكومة قوية وكسب صداقة القوى الأوربية وكسر شوكة العائلات المحلية وتكوين جيش نظامى وهيئات استشارية ورفع كثيرًا من الالتزامات التى كانت مفروضة على مسيحيى القدس واليهود، فثار السكان المسلمون وامتشق الفلاحون السلاح وأخرجوا الحامية المصرية من البلد وذلك سنة ١٨٣٤ م ولكن إبراهيم باشا استطاع التغلب على ما أثير وتابع إصلاحاته وأهدافه فى قوة.
وكان لحرب القرم أثرها فى زيادة فعالية التدخل الأوربى كما فتحت بالقدس قنصليات لكل من فرنسا والنمسا وبروسيا وروسيا وسردينيا وأسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك ارتفعت أعلام الدول المسيحية فى المدينة المقدسة أيام الأعياد والأجازات وأعياد ميلاد ملوكها، وراحت الكنائس تدق أجراسها، وحاول المسلمون وقف هذه المستجدات فلم يفلحوا نظرًا للمساعدات الخارجية التى كان مسيحيو البلد أول المستفيدين منها، وأعيدت بطركية القدس اللاتينى، وانتقل البطرك اليونانى من استانبول إلى القدس وقامت بطركية انجليكانية سنة ١٨٤١ م وصدر فرمان بتعيين حاخام للطائفة اليهودية، وأهدى السلطان عبد الحميد المدرسة الصلاحية التى كانت ديرا فى القديم إلى الإمبراطور الفرنسى نابليون الثالث سنة ١٨٥٦ م، ومن السمات البارزة أن الحكومة