للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[بحيرا]

" بَحيرا"، اسم راهب نصرانى: يروى أن النبي محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -]، عندما بلغ الثانية عشرة من عمره خرج إلى الشام مع عمه أبي طالب في قافلة له. فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام أو ما جاور هذه المدينة، لاحظ راهب كان يقطن تلك الجهة في صومعة له أن أحد أفراد ذلك الركب كانت تظلله غمامة، وأن الشجرة التي جلس تحتها قد تهصرت أغصانها حتى أظلته. وقد صنع الراهب بحيرا لهذا الركب طعامًا ودعاهم إليه، فاجتمعوا إليه إلَّا محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -] إذ تركوه لحراسة القافلة. ولما نظر بحيرا في القوم لم ير بينهم صفة الشخص الذي وصفته كتبه أنه آخر الأنبياء، فسألهم هل تخلف أحد منهم، فلما أخبروه الخبر أصر على أن يحضر هذا الغلام إلى طعامه. ولما جاء الغلام ودخل إلى القوم أخذ بحيرا يلحظه لحظًا شديدًا، ثم سأله بحق اللات والعزى أن يخبره عما يسأل عنه، ولكن محمدُ [- صلى الله عليه وسلم -] أظهر بغضه للآلهة الوثنية، ثم أجاب الراهب عما سأله عنه فتأكد هذا أنه هو النبي الموعود ونصح عمه أبا طالب أن يحذر عليه من اليهود.

تلك هي القصة التي يرويها ابن هشام (ص ١١٥ وما بعدها). ويذكر بعض المؤلفين الآخرين أن أبا بكر كان حاضرًا ذلك الحادث وكان حتى في ذلك الوقت نفسه يتهيأ للاشتراك في الحوادث المقبلة (١). ويذكر المسعودى (طبعة Barbier de Meynard. جـ ١، ص ١٤٦) أن هذا الراهب كان يدعى


(١) حضور أبي بكر تلك الحادثة لم يثبت، بل استغربه علماء الحديث، ورأوا أن ذكره خطأ من الراوي. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (ج ١، ص ١٨٣): "قد وردت هذه القصة بإسناد رجال ثقات، من حديث أبي موسى الأشعرى، أخرجها الترمذي وغيره. ولم يسم فيها الراهب. وزاد فيها لفظة منكرة، وهي قوله: واتبعه أبو بكر بلالا. وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأملا، ولا اشترى يومئذ بلالا، إلَّا أن يحمل على أن هذه الجملة مقتطعة من حديث آخر وأدرجت في هذا الحديث. وفي الجملة هي وهم من أحد رواته". وكذلك ضعفها الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٥).