ويتضح لنا -فى النهاية- أن الأروقة تعد قطعة من التاريخ العلمى والاجتماعى للأزهر. ويصعب على الباحث الذى يؤرخ للأزهر أن يتجاهل دورها فى انفتاح الأزهر على العالم الإسلامى.
[مكتبة الأزهر الشريف]
جاء فى كتاب "أخبار مصر" لابن ميسر أنه قد أسند إلى داعى الدعاة أبى الفخر صالح منصب الخطابة بالجامع الأزهر مع خزانة الكتب وذلك فى أخبار سنة ٥١٧ هـ وإسناد الإشراف على خزانة الكتب إلى داعى الدعاة، وهو رئيس دينى بعد قاضى القضاة، شاهد على قيمتها وأهميتها.
وذكر المقريزى "أن الحاكم أمر بنقل نصف الكتب التى كانت بدار الحكمة إلى الجامع الأزهر، والباقي إلى مسجده ومسجد المقس". وقد أشارت، "خطط المقريزى" إلي أن عدد الكتب بدار الحكمة بلغت مائة ألف كتاب، ولنا أن نستنتج من هذا أن مكتبة الأزهر كانت تحوى أكثر من خمسين ألف كتاب.
وقد صارت مكتبة الأزهر من أشهر المكتبات فى العالم؛ يعرفها أهل البصر بالكتب، والباحثون من الشرق والغرب، ويشيرون إلى ما فيها من نفائس المخطوطات فى مؤلفاتهم عن الكتب والمكتبات، مثل "بروكلمان" وغيره. وهى ثانية المكتبات فى مصر من حيث عدد ما فيها من الكتب، واحتواؤها على كثير من نوادر المؤلفات والمخطوطات.
وقد كان من نظم الأزهر فى القديم نظام الأروقة، وكان لكل رواق مكتبة خاصة يتم الانتفاع بها بالطريقة التى يراها أهل الرواق. وكذلك كان لبعض المساجد والمدارس القديمة التابعة للأزهر مكتبات على هذا النحو، كمسجد شيخون، ومسجد محمد أبى الدهب، وغيرهما.
وكان فيما تناوله الإمام محمد عبده من إصلاح الأزهر إنشاء مكتبة أزهرية عامة، تعيد مجد مكتبته القديمة، وتجمع شتات الكتب المتفرقة فى الأروقة والمساجد، وتحفظ التراث العلمى الذى خلفه علماء الأزهر وغيرهم فى العصور المتوالية من الضياع، ذلك أن كثيراً من