للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفائس الكتب التى كانت مودعة بمكتبات الأروقة تسرب إلى أيدي علماء أوروبا عن طريق سماسرة الكتب، فضلاً عن تعرض كثير منها للحشرات والأتربة؛ فتلفت أوراقها، وبليت ومزقت وخرمت وقطعت جلودها, ولم يسلم منها كتاب إلا فى النادر.

وحوالى سنة ١٢٧٠ هـ (١٨٥٣ م) أمر ديوان عموم الأوقاف بجرد مكتبات المساجد والتكايا وأروقة الأزهر وحاراته, وقيدت جميعها فى سجلين جامعين، خصص أولهما لمكتبات الجامع الأزهر، وثانيهما لمكتبات المساجد والتكايا. وقد بلغ مجموع المجلدات فى ذلك الوقت فى مكتبات أروقة الأزهر وحاراته ١٨٥٦٤ مجلد. فإذا رجعنا الآن إلى هذا السجل التاريخى لا نجد من أثمن الكتب وأنفسها إلا أسماءها.

وتقدم الأستاذ الإمام بفكرة إنشاء المكتبة إلى مجلس إدارة الأزهر، فنالت القبول من أعضائه، وبخاصة المغفور له الشيخ حسونة النواوى, شيخ الجامع الأزهر إذ ذاك؛ وقد وهبها مكتبته الخاصة الشيخ عبد الكريم سلمان، الذى كان عضداً قويًا للأستاذ الإمام فى حركات إصلاح الأزهر. وقد تحققت الفكرة فى أول المحرم سنة ١٣١٤ هـ (١٨٩٧ م)، بعد أن لاقى صاحبها عناء عظيمًا فى إقناع أهل الأروقة بفائدتها. وعلى الرغم مما بذله من محاولات فى هذا السبيل، فقد امتنع أهل بعض الأروقة عن ضم مكتباتها إلى المكتبة, كرواق الأتراك، ورواق المغاربة. وقد ضُمت مكتبة الصعايدة إلى المكتبة العامة فى سنة ١٩٣٦ م، وضمت مكتبة رواق الأحناف فى سنة ١٩٥٦ م. وقام المباشرون للتنفيذ بتذليل صعوبات جمة فى ترميم الكتب وإصلاحها وترتيبها، للحالة السيئة التى كانت عليها فى خزائن الأروقة كما أسلفنا، وفى ترتيبها فى أماكنها الجديدة، وتوزيعها على الفنون المكتبية. وقد ضمت هذه المكتبة عددًا من أجود المصاحف خطاً وورقاً، وكتباً فيها من الفوائد وعلوم التجويد ما لا يوجد فى سواها، وغير ذلك كثير.

ولم يكتف الأستاذ الإمام فى تكوين المكتبة بما جمع من مكتبات الأروقة، بل دعا العظماء والعلماء، إلى المشاركة فى