(أى حلَّاج الصوف)، أبو المغيث الحسين بن منصور بن محمّى البيضاوى، متصوف من علماء الكلام المتحدثين بالعربية (٢٤٤ - ٣٠٩ هـ = ٨٥٧ - ٩٢٢ م)، تلقى حياته وتعاليمه ووفاته الضوء على فترة حرجة فى تاريخ الثقافة الإسلامية، وتعد رياضته الباطنة نقطة تحول فى تاريخ التصوف (وتشمل هذه المادة، بالإضافة إلى ما ورد فى صدرها من هذه الدائرة إضافات مسهبة منقولة من أحدث مؤلفات ماسينيون L. Massignon).
[١ - تفصيلات سيرته]
أصله: ولد الحلاج حوالى سنة ٢٤٤ هـ (٨٥٧ - ٨٥٨ م) فى بلدة الطور، شمالى شرق البيضاء ببلاد فارس. وكانت الطور تتحدث بلهجة إيرانية؛ والبيضاء بلدة مستعربة ولد بها سيبويه. ويقال إن الحلاج حفيد رجل يدعى "جبر" كما كان من سلالة أبى أيوب أحد صحابة النبى - صلى الله عليه وسلم -. وغادر أبوه، الذى كان فيما يرجح حلاجًا للصوف، بلدة الطور إلى منطقة صناعة النسيج التى امتدت من تستر إلى واسط (على نهر دجلة)، وهى مدينة صغيرة أسسها العرب، ومعظم سكانها من السنيين الحنابلة (كان بضواحيها الريفية أقلية من غلاة الشيعة). وكانت مركزًا لمدرسة شهيرة لقراء القرآن الكريم. وفى واسط، فقد الحسين القدرة على الكلام بالفارسية. وقبل أن يبلغ الثانية عشرة من عمره، كان قد حفظ القرآن كله، وأصبح حافظًا. وحاول فى مرحلة مبكرة جدًا أن يكتشف بعض المعانى الباطنة فى سور القرآن، ودخل فى التصوف على مدرسة سهل التسترى.
فى البصرة: وعندما بلغ الحلاج العشرين من عمره ترك التسترى وقصد البصرة. وهناك، تلقى شعائر التصوف على يد عمر المكى، وتزوج أم الحسين بنت أبى يعقوب الأقطع، ولم يبن بأخريات وظل هو وزوجته على وفاق طوال حياتهما، وأنجبا مالا يقل عن ثلاثة أبناء وبنت واحدة. وقد جلب عليه زواجه هذا معارضة عمر المكى وغيرته، وكان الحلاج حينما يغيب عن