يجب أن نتناول تاريخ فن الحصار في عصر سلطنة المماليك على الأساس التالى:
وقعت معظم الحروب الكبرى لسلطنة المماليك في عقود السنين الأولى من قيامها. وخاضت هذه الحروب أساسًا مع الصليبيين حيث كان فن الحصار عاملًا حاسمًا بل يكاد يكون حقا هو العامل الوحيد، وكذلك كان ميدان القتال هو العامل الحاسم في حروبهم مع المغول رغم أن عمليات الحصار قد قامت بدور لا يمكن إغفاله بحال أما بعد ذلك فلم يخض المماليك سوى حروب محدودة باستثناء حربين بارزتين إحداهما مع تيمور لنك حيث كان لفن الحصار قدر من الأهمية، وثانيتهما هى آخر حروبهم مع العثمانيين، ولم يكن لفن الحصار أية أهمية في هذه الحرب. وفى حروبهم المحدودة كانت عمليات الحصار كثيرة العدد، ولكن هذه الصراعات كانت أتفه من أن تستدعى تطوير أساليب الحصار وآلاته.
وفى معظم العصر المملوكي كانت الآلة الأساسية المستخدمة في إطلاق القذائف الثقيلة هى المنجنيق وقد بلغ حكم المماليك ذروة مجده في القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) وفى العقود الأخيرة من هذا القرن بخاصة، وعقب طرد الصليبيين إلى غير رجعة أو بعد ذلك بقليل، انتهى التاريخ العظيم لهذا النظام.
وبعد انتهاء الحروب الصليبية بنحو سبعين أو ثمانين سنة كانت المدفعية الثقيلة للحصار عند المماليك هى المجانيق وحسب. ومع ذلك، فقد دخل خلال الستينيات من القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) السلاح الثورى في سلطنة المماليك وهو البارود، وكانت أول دولة إسلامية تستخدمه ولقد استخدم المماليك. المدفعية حتى نهاية حكمهم سلاحًا للحصار وحسب؛ وعلى الرغم من السمة الثورية للمدفعية إلا أنها استخدمت فترة طويلة جدًا سلاحًا مساعدًا للمنجنيق ولم تنجح في أن تحل محله إلا قرب نهاية حكم المماليك