". . . أما حكماء قريش وذوو الرأى فيها فما لبثوا أن قدروا ما عرضهم له عكرمة ومن معه من الشبان من خطر. فهذا عهد الحديبية قد نقض، وهذا سلطان محمد فى شبه الجزيرة يزداد بأسا وقوة ولئن فكر بعد الذى حدث فى أن ينتقم لخزاعة من أهل مكة لتتعرض المدينة المقدسة لأشد الخطر. فماذا تراهم يصنعون؟ أوفدوا أبا سفيان إلى المدينة ليثبت العقد وليزيد فى المدة، ولعل المدة كانت سنتين فكانوا يريدونها عشرًا. وخرج أبو سفيان قائدهم، وحكيمهم يريد المدينة فلما بلغ طريق عُسفان، لقيه بديل بن ورقاء، وأصحابه، فخاف أن يكون قد جاء محمدا. وأخبره بما حدث، فيزيد ذلك مهمته تعقيدا، وقد نفى بديل مقابلته محمدا، ولكن عرف من بعر راحلة بديل أنه كان بالمدينة. لذلك آثر ألا يكون محمد أول من يلقى، فجعل وجهته بيت ابنته أم حبيبة زوج النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. ولعلها كانت قد عرفت عواطف النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إزاء قريش وإن لم تكن تعلم ما اعتزمه فى أمر مكة. ولعل ذلك كان شأن المسلمين بالمدينة جميعا. فقد أراد (بو سفيان) ن يجلس على فراش النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فطوته أم حبيبة. فلما سألها أبوها: أطوته رغبة بأبيها عن الفراش أم رغبة بالفراش عن أبيها؟ كان جوابها: هو فراش رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس عليه. قال أبو سفيان: واللَّه لقد أصابك يا بنية بعدى شر! وخرج مغضبا. ثم كلم محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- فى العهد وإطالة مدته، فلم يرد عليه بشئ. فكلم أبا بكر ليكلم له النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، فأبى. فكلم عمر بن الخطاب فأغلظ له فى =