الأمويين ولاسيما أننا لا نعثر على كتابات ديوانية اسبق منه -ومن ناحية أخرى نجد أن أشهر رسالة له (وهى تلك التى وجّهها إلى كتاب الديوان مبرزا فيها رفعة منزلتهم وخطورة مسئولياتهم)، وهى رسالة كتبت بأسلوب متدفق يمتاز بالبساطة والسهولة، وإذا قارنا بين محتويات هذه الرسالة وكتابات ابن المقفع والاقتباسات التى استشهد بها الأدباء فى فترات لاحقة نقلا عن المؤلفات الفارسية، تبين لنا بجلاء أنها تستلهم تراث كتاب الديوان الساسانيين. كذلك رسالته التى يصف فيها تفاصيل ما يجرى فى الصيد (ومن الواضح أنها كُتبت بهدف الترويح عن رجال البلاط، وهى عبارة عن رسالة فارسية الاستلهام وتتميز تمام التميز عن الطريقة التى عولج بها نفس الموضوع فى التراث العربى، ونلاحظ أن شطرًا كبيرًا من قواعد السلوك التى وردت فى الرسالة الأولى، سالفة الذكر، والموجهة إلى الأمير مستقاة بدورها من القواعد المرعية فى بلاط الساسانيين، وإن كان من المرجح أن تكون توجيهاتها العسكرية متأثرة بأساليب اليونان، إما من خلال القنوات الأدبية وأما بفضل التجربة العملية المستفادة من الحروب البيزنطية.
ولذلك يمكن القول إن وجهتى نظر النقاد العرب فى نقدهم لعبد الحميد قائمتان على أساس يبررهما رغم تعارض كل منهما مع الأخرى. فهناك وجهة نظر -ويمثلها العسكرى فى "ديوان المعانى جـ ٢ - ص ٨٩"- ترى أن عبد الحميد قد اقتبس من اللسان الفارسى أسلوب التأليف الديوانى وصاغه بلسان عربى -أما وجهة النظر الأخرى- ويمثلها ابن عبد ربه فى "العقد الفريد" جـ ٢ ص ١٦٩ (١٣٩) = جـ ٤ ص ١٦٥ طبعة (١٣٦٣ هـ/ ١٩٤٤ م) فإنها تصفه بأنه أول من فتح براعم البلاغة ومهد دروبها، وفك قيود الشعر. وكان أيضا بارعا فى الحكمة البليغة وقد سجلتها كتب الأدب.