والحلم كلمة عربية تفيد فكرة مركبة من لطائف الأفهام تشمل عددا من الصفات الشخصية والمواقف الخلقية تتراوح بين العدل الرصين والاعتدال، وبين التحمل والترفق المقترنين بالتحكم فى الذات والصبر الكريم الذى يتوسط بين هذين النقيضين. وهذا المصطلح الذى يرتبط أحيانًا بالعلم ارتباطًا أقرب إلى اعتبارات الأسلوب وتذوق الجناس منه إلى أية ارتباطات تتعلق بالتصور، هو فى أساسه نقيض الجهل والسفه أو السفاهة. وثمة اشتقاق من الجذر الأخير يظهر فى عبارة "سَفّه الأحلام". ولم تزودنا المعاجم العربية إلا بتعريفات جزئية؛ فقد جاء فى لسان العرب أن الحلم هو "الأناة والعقل" على حين يقال للحليم الصابر. وجاء فى تاج العروس أن الحلم هو "ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب" وقد عّرفه المحيط فقال: "الحلم الطمأنينة عند ثورة الغضب"(انظر أيضًا ابن أبى الحديد: شرح نهج البلاغة، جـ ٤، ص ٢٩٠، ٣٣٥، وفى مواضع أخرى) ويتبين من هذه التعريفات أن فقهاء اللغة يرون أن الأساس فى الحلم هو ضبط النفس والعزة والترفع (ولو أن هذا الترفع لا يبلغ مبلغ البراءة من الهوى عند اليونان كما ذهب إلى ذلك إزوتسو T.Izutsu فى كتابه The structure of the ethical terms in the koran، طوكيو سنة ١٩٥٩، ص ٢٦ = الطبعة المنقحة بعنوان Ethico. religious concepts in the Quran, مونتريال سنة ١٩٦٦, ص ٣١، ٦٩)، ولم يشيروا أية إشارة إلى غفران الذنوب، فى حين أن الكلمة فى العصر الحديث (منذ عدة قرون فيما يرجح) تدل بعامة على الصفات التى تقترن بالصبر والترفق والتفهم (انظر Woerterbuch: H. Wehr, مادة الحلم). وثمة مصدر حديث (. S.H The etical system underlying: AI- Shamna the Quran توينكن سنة ١٩٥٩، ص ٧) يقتصر على القول بأن معنى الكلمة هو "السلوك الحسن" فحسب.
والمشاكل التى تثيرها هذه الكلمة ليست بسيطة بحال. ذلك أن كولدتسيهر (Muh. Stud. I. Goldziher جـ ١ ص ٣١٩ وما بعدها) عند دراسته لفكرة الجاهلية فى التحليل الذى بسطه