التناقض، فكيف وقد نظر له من قبله فى هذا التوفيق، على فرض التخالف السطحى، وبدا أن الأمر أخيرا لا موضع فيه لشئ من تناقض.
ولقد أطلت فى هذا تذكيرًا لنا بالتبعة المنهجية، ووجوب الصبر على مطالب البحث، وعدم المسارعة المستخفة قبل الدرس الواجب.
أما صرف الكلم عن مواضعه، وسوء الرأى، فى الموضوع المدروس فذلك ما نعيذ قومنا منه دائما.
أمين الخولى
[الملك الصالح]
صلاح الدين حاجى ابن الملك الأشرف شعبان من بيت السلطان قلاوون، وقد ارتقى العرش سنة ٧٨٣ هـ (١٣٨١ م)، عقب وفاة أخيه على وهو بعد غلام فى السادسة من عمره، وما انقضى على ارتقائه بضعة أشهر حتى خلعه الأتابك برقوق فى التاسع عشر من رمضان سنة ٧٨٤ هـ (٢٦ نوفمبر سنة ١٣٨٢)، ذلك أن السلطنة كانت فى حاجة إلى أن يحكمها رجل لا غلام، ورُدّ حاجى إلى الحريم ونودى ببرقوق سلطانًا تنفيذًا لما اتفق عليه من قبل. وأعيد تنصيب حاجى سلطانًا سنة ٧٩١ هـ (١٣٨٩ م)، وكان قد بلغ الثالثة عشرة وقتئذ، إلا أن الأتابك يلبغا أساء معاملته ولم يسمح له بالتدخل فى شئون الحكم. وقد روى عنه أنه عين خياطه خياطًا للبلاط وخلع عليه كسوة من كساوى التشريف. وقد سرقت هذه الكسوة من الخياط، ثم ضرب وألقى به فى السجن، وإنما أطلق سراحه أحد كبار الأمراء بعد جهد جهيد. وغضب السلطان غضبًا شديدًا من المعاملة الشائنة التى كان يعامله بها يلبغا؛ بل إن يلبغا اشتط فى ذلك فأبعد عنه مماليك أبيه وخصيانه وحجابه، وقرت عينه حين عاد منطاش فتولى الحكم مرة أخرى، وأتاح له من الحرية قدرًا لم يكن ينعم به من قبل. ولما بدأ منطاش من بعد يشن الحملة على برقوق فى الشام صحب معه الخليفة والسلطان ليدلل على شرعية الحرب التى شنها على هذا الثائر، بيد أنه ثبت أن هذه الخطوة لم تكن فى مصلحته. ومنى برقوق بالهزيمة فى الموقعة