محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، فى ثلاث آيات مما ذكره، وعن آباء هذا الجيل فى آية أخرى، وقوم محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وآباؤهم لم يأتهم نذير حقا. . ولا تناقض! !
ولو قدر الكاتب -وكان ينبغى أن يقدر- أن آية يس، لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم، قد فسرت -على وجه- بأن ما فى {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} مصدرية، أو موصولة، ومنصوبة على المفعول الثانى: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من العذاب "الكشاف ٢: ٢٤٧ ط محمد مصطفى" وعلى هذا التفسير لا تنفى الآية أن آباءهم قد جاءهم نذير، بل هى تفيد إثبات الإنذار بمعناه الذى يستعمله به القرآن! !
ولقد كان ينبغى بلا شك أن ينظر الكاتب فى هذا قبل أن يعقد التناقض الذى استلفت نظره، بل كان ينبغى -أو يتحتم- أن يرجع الكاتب إلى تفسير هذه الآية وغيرها فى أقرب التفاسير، كالكشاف فإنه أشبع القول فى هذا الموضوع، وكان مما قال: ولا مناقضة لأن الآى فى نفى إنذارهم، لا فى نفى إنذار آبائهم. .! ! ثم لم يكتف بهذا بل فرض أن الظاهر من تفسير الآية أن آباءهم لم ينذروا، وقال فى بيان عدم التناقض ما نصه:"أريد آباؤهم الأدنون دون الأباعد" الكشاف فى الموضع السابق.
وأكثر من هذا إخلالا بالمنهج من كاتب المادة، أنه وهو الذى يتصدى للكتابة فى القرآن لا يعرف أن فيه غير آية تقرر أن العرب قد جاءهم المنذرون، مثل:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} -فاطر/ ٢٤ - والعرب بخاصة قد ذكروا، بأن هذه ملة إبراهيم أبيهم فى قوله:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} الحج/ ٧٨، فكيف ساغ للكاتب مع هذا كله أن يقول "تناقضان الدعوة المألوفة التى أتى بها محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى سور العهد المكى من حيث إنه قال إنه لم يرسل نبى قبله إلى العرب. . .! ! وقد تلوت عليكم من الآيات المكية ما يقرر إرسال الأنبياء إلى العرب، وأن أحدهم أبو هذه الدعوة الإسلامية.
ويزيد التبعة فى الإخلال بالمنهج، ما يقضى به الحق من التفكير فى التوفيق لو ظهر التخالف، قبل الجهر بتقرير