ولكن الاتجاه الأهم هو تحول اللقب من التعبير عن المديح أو الإعجاب (مثل ملاعب الأسنة الذى أطلق على الشاعر الجاهلى عامر بن مالك الذى عرف ببسالته فى المعارك) إلى لقب يدل على الاحترام والتبجيل لصلته الوثيقة بالحكم أو الدين أو لاستخدامه كمكافأة على أعمال تتسم بالشجاعة أو أدت إلى نفع للدولة؛ لهذا فقد عاشت الألقاب زمنا طويلا فى العالم الإسلامى، وبصفة خاصة المنطقة التى تقع بين مصر والهند. وإن وجدت بدرجة أقل فى الأندلس وشمال أفريقيا، واستمر وجودها حتى بداية القرن العشرين.
وقد أورد القلقشندى فى كتابه صبح الأعشى أن ألقاب ونعوت المديح كانت معروفة منذ زمان إبراهيم الخليل وموسى الكليم ويونس ذى النون عليهم السلام.
عرف العرب الأوائل ألقاب التبجيل والاحترام من البيزنطيين والرومان، كما وجدت ألقاب الأبهة والفخامة فى عهد الدولة الأكمينية (الهخامنشية) منذ أيام هيرودوت، وكذلك أطلق الساسانيون ألقابا على رجال الدولة المدنيين والعسكريين مثل بُزرج فرامدار (رئيس الحاشية) وهَزَارمَرْد (له قوة ١٠٠٠ رجل) على القادة العسكريين. وكانت هذه الألقاب يصاحبها عادة لبس رداء الشرف الذى عرف فى الإسلام باسم الخلعة.
٢ - عصر الخلفاء: بدأ استخدام الألقاب الشرفية فى العالم الإسلامى من القمة، وذلك باتخاذ الخلفاء الأمويين ألقابا ملكية، ويرجع المؤرخون بداية ذلك إلى عصر الأمويين ويقول المسعودى فى كتاب "التنبيه" إن الأمويين اتخذوا ألقابا دينية صارت بعد قرنين من الزمان أمرا مألوفا فى العصر العباسى مثل الناصر لحق اللَّه لمعاوية، والقاهر بعون اللَّه لمسلمة بن عبد الملك، والمتعزز باللَّه لإبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، ولكنه عاد فرفض هذه الأخبار على أساس أنها ضعيفة ولم يؤيدها المؤرخون وكتاب السير. ومن قبل الأمويين عرف أبو بكر بالصديق، وعمر بالفاروق، وعثمان بذى النورين.