تعتبر الألقاب ذات الطبيعة الدينية التى تعبر عن الاعتماد على اللَّه والتوكل عليه والاستعانة به على مهام الحكم بحق بدعة من بدع العصر العباسى الأول. ويؤكد ب. لويس B. Lewis على أهمية الشعور العام الذى ساد فى زمان الحركة العباسية فى انتظار حكم عادل مؤيد من اللَّه، وساعد هذا الشعور على اتخاذ المنصور وخلفائه ألقابا دينية. ولم يتخذ أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين أى ألقاب ملكية، ولكن خليفته أبو جعفر اتخذ رسميا لقب المنصور باللَّه، ثم اتخذ خلفاؤه ألقاب المهدى باللَّه والهادى إلى الحق.
يلاحظ أن ألقاب الحكام العباسيين حتى أواخر القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى وفترة حكم بنى بويه فى بغداد كانت تتكون أساسًا من اسم فاعل أو صفة مؤكدة عظمة اللَّه عز وجل فى حكمه وأهمية ضمان تأييده فى حمل أعباء الحكم طبقا للشريعة ويلاحظ أ. آبل A. Abel أن الفاطميين، وقد كانوا أكبر المنافسين للحكم العباسى فى شمال إفريقيا ومصر، قد استخدموا ألقابا أكثر وضوحا وتأثيرا لتأكيد دعوتهم للخلافة والإمامة مثل الحاكم بأمر اللَّه الذى أطلق على أبى القاسم محمد خليفة المهدى عبيد اللَّه، ومنذ حكم المعز (٣٤١ هـ/ ٩٥٣ م). أخذت ألقاب الفاطميين صورة اسم الفاعل أو صفة تؤكد دور الحاكم الحاسم فى تنفيذ أمر اللَّه مثل الحاكم، الآمر، الظافر. . . يضاف إليه عادة تعبير مثل لدين اللَّه أو بأمر اللَّه.
وردا على ذلك، بدأ العباسيون مع نهاية القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى، فى اتخاذ ألقاب مشابهة لتأكيد وضعهم كحماة للسنة، مثل الحاكم بأمر اللَّه والناصر لدين اللَّه والظاهر بأمر اللَّه. وكان اللقب يطلق على الخليفة عند توليه الحكم، ولكن بدأ ولى العهد أيضا يتخذ لقبا بمجرد إعلانه وريثا للحكم، وكانت كنيته أو لقبه يظهر على النقود جنبا إلى جنب مع لقب الخليفة أو كنيته. وكان هذا اللقب عادة يظل مع ولى العهد بعد توليه الحكم، ولكن كان يحدث أحيانا أن يستبدل بغيره. أكثر تعظما، فالمتوكل