للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[جميل]

بن عبد الله بن معمر، وكنيته أبو عمر: شاعر عربي مشهور عاش في القرن الأول للهجرة، ولا نعرف عن حياته إلا ما ندر، وبعض ذلك راجع إلى أن جميلا لم يخلد إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ينتقل من مكان إلى مكان مع قبيلة بنى عُذْرَة التي اشتهرت بالعشق، وقصة حبه لبثنة أو بثينة مشهورة، وبثينة من بنات قبيلته، عاشت ردحًا من الزمن في وادي القرى، وقد خطبها جميل في شبابه فردَّه أبوها، ولكنه ظل مع ذلك متصلا بها في الخفاء، حتى بعد زواجها من شخص يدعى نبيها. وعند ذلك أوغر أهلها من بنى الأحب صدر والى وادي القرى (وفي رواية أخرى والى المدينة) على جميل فاضطر إلى الفرارء ويقال إنه توفى بمصر عام ٨٢ هـ (٧٠١ م) بعد أن طال تجواله. وكان قد ذهب إليها ليمدح واليها عبد العزيز بن مروان، وهو أمر ألفه شعراء ذلك الوقت. وقد عاشت بثينة بعد جميل. وامتاز جميل فوق ذلك بإجادة المديح، وشاهد ذلك أنه جوزى بسخاء على قصيدة فخر فيها بقبيلة جذام التي منها أمه، وكان الناس من ناحية أخرى يهابون هجاءه. وقد خاصم بنى الأحب خصامًا طويلًا اشتهر أمره بصفة خاصة، على أن علو كعبه في النسيب خاصة هو الذي خلد ذكره، ولا شك أن أشعار جميل، وكلها في بثينة، تعد بحق من أجمل وأرق الأشعار التي وصلت إلينا من العهد العربي الأول الذي كان الشعر فيه لا يزال خالصًا من التأثير الفارسى، وربما لم يبزه في هذا المضمار من بين معاصريه سوى عمر بن أبي ربيعة. ومن المسلم به أن كُتَّاب العرب قد أصابوا الحقيقة في كلامهم عن جميل، ذلك أنهم يقررون أنه يعبِّر في أشعاره وفي شكواه الحب عن شعور صادق. فقد امتازت أشعاره بالبساطة والبعد عن الصناعة، ولعل ذلك كان- إلى جانب جمالها الفني- السبب الذي من أجله لحنت وقام كثير من المغنين العرب بإنشادها.

ونزيد على ذلك أن جميلا كان إلى جانب قرضه الشعر راوية لأشعار هدبة