(والجمع طرق): هذا اللفظ العربى الذى يعنى السبيل قد أخذ معنيين اصطلاحيين متعاقبين فى التصوف الإسلامى: (١) فهو فى القرنين التاسع والعاشر من التاريخ الميلادى عبارة عن منهج لعلم النفس الأخلاقى يدبر عمليًا ضروب السلوك الفردى. (٢) وهو بعد القرن الحادى عشر الميلادى قد أصبح عبارة عن جملة مراسم التدبير الروحى المعمول به من أجل المعاشرة فى الجماعات الإخوانية الإسلامية المختلفة التى بدأت تنشأ منذ ذلك الحين.
ونتناول هنا التصوف الإسلامى فيما يتعلق بثمراته الاجتماعية ومنظماته الجماعية ونهاياته التى انتهى إليها تحقيقه العملى على أيدى جماعات إسلامية مؤمنة.
وقد ظلت لفظة "طريقة" غامضة فى معناها الأول (انظر نصوص الجنيد والحلاج والسراج والقشيرى والهجويرى)، وأصبحت تدل أكثر ما تدل على منهج نظرى مثالى (وأقوى منها لفظتا رعاية وسلوك) من شأنه أن يدبر كل سلوك، وذلك برسم طريق لسفر النفس إلى اللَّه تسلكه خلال منازل نفسية مختلفة هى المقامات والأحوال، وهى التطبيق العملى الحرفى للشريعة حتى الحقيقة. . وقد أثارت هذه الدعوى الجريئة ثائرة المطاعن بل الاضطهاد من جانب الفقهاء. وعيّن أئمة التصوف طرائقهم وحدودها على مقتضى أنماط أكثر ملاءمة للسنة، جامعين لآداب الصوفية بما يدرأ هذه الشكوك، وذلك من السلمى والمكى حتى ابن طاهر المقدسى (صفوة) والغزالى، ومراعين الفتح على أنه الغاية من الوصول المباشر إلى الحقيقة؛ وأنهم ليهجرون تدريجًا السماع الذى من شأنه أن يحرك مع الوجد ما يؤدى إلى الشطح، وغالبًا ما يكون مستشنعًا، مستعيضين عنه بتلاوات محددة لأدعية لها أساس من القرآن الكريم (ذكر)؛ وهكذا يعد المريد لحال من التفكر يروض عليها نفسه فى صمت فيما بينه وبين نفسه؛ وإنها لحال يتعزى فيها رويدًا رويدًا الإدراك المتعاقب للأنوار