حكومة الأشراف أن تحصل على قرض من لندن بضمان الجمارك المغربية وقبول توجيهات المفوضين الأوروبيين. ولأول مرة، يتدخل الأجانب فى إدارة شئون الدولة الداخلية. ومنذ ذلك الوقت تزايد اتساع ثغرة التدخل الأجنبى. وتعللت القوى الأوربية بفرض الأمن، وإقامة منارة على رأس سبارتل، ذريعة للدخول فى مفاوضات دبلوماسية ولفرض المزيد من التدخل والهيمنة الدولية، فلم تكن الأطماع الأوربية أطماعًا خفية.
ولقد صارت المغرب آنذاك هدف صراع حاد لفرض النفوذ عليه، ولقد أرادت إنجلترا أن تحافظ على تفوقها الإقتصادى بالسيطرة على مضيق جبل طارق وأرادت فرنسا أن تؤكد على استحواذها لممتلكاتها فى الجزائر وعلى الطرق المؤدية إلى تذرعت واحات الصحراء التى احتلتها سنة ١٩٠١ - ١٩٠٢ م وتذرعت أسبانيا "بحقوقها التاريخية" وبدأت ألمانيا أخيرًا تستعد لأن تغتنم الفرصة لكسب منافذ لتجارها ومهاجريها.
[الأزمة المغربية وفرض الحماية الفرنسية]
ولم يكن لوضع مثل هذا أن يستمر، وقد عجلَّت حماقات السلطان عبد العزيز بوقوع الأزمة. ولم تعجب أهواء السلطان وانصياعه المفرط لأهواء الأوربيين المسلمين المغاربة. ولقد أقلقت تعديلات السياسة المالية التى أجراها (الترتيب) فى السابق الأهالى دافعى الضرائب إلى أقصى حد. ولقد قامت الثورات فى كل مكان، وثار مطالب بالحكم يُدعى "روجى بو حماره" فى منطقة تازا وهزم جيشًا أرسل لمحاربته. ودون جدوى حاولت فرنسا باتفاقات ١٩٠١ و ١٩٠٢ م أن تنظم أنشطة المخزن ضد الثورات الوطنية. وفى مقابل الاعتراف بالاحتلال البريطانى لمصر، ومنح أسبانيا مجال نفوذ فى شمال المغرب، اعترفت هاتان القوتان بحق فرنسا بالتصرف بما يضمن مصالحها. وسارعت فرنسا بأن عرضت على السلطان خطة إصلاح للإدارة المغربية. ولقد حال تدخل ألمانيا دون تحقيق هذا الإصلاح. وفى يوم