اسم يطلق على طراز بلاغى خاص تستخدم فيه فقرات قصيرة ذات كلمات مقفاة، إلا أنه مع هذا متميز عن الشعر بأنه غير خاضع لقافية واحدة ولا لوزن عام. ولعل السجع أول أسلوب مختار ارتضاه العرب قبل أن يصطنعوا البحور المقيسة. والأمر بيّن فى أن هذا الأسلوب من التعبير استعمله الكهنة فى نبوءاتهم أيام الوثنية، على أن الشواهد التى جاءت فى السيرة لابن هشام لا يمكن أن تكون قد انتهت إلينا سليمة.
ويمكننا أن نسلم دون أن نخشى الزلل بما قاله ابن الكلبى من أن العرب لم يحتفظوا من أشعارهم القديمة إلا بما صنعوه قبيل الإسلام بوقت قصير (كتاب الأصنام، طبعة القاهرة ١٣٣٢ هـ، ص ١٢ - ٥٠) وهذا يؤكد لنا أنهم لم يحتفظوا بشئ من سجعهم القديم، وعلى أية حال، فإنى أعتقد أننا فى حل من التسليم بأن التلبيات المختلفة، والصيحات التى كان يهل بها المشركون فى مزاراتهم الكثيرة، كما سجلها ابن الكلبى (كتاب الأصنام، ص ٨) وغيره، قد وصلت إلينا سليمة، إذ كانت الذاكرة لا تزال واعية والإسلام فى أيامه الأولى.
وقد كانت تلك التلبيات ولا ريب من الطقوس الدينية القديمة الخاصة بالقبائل، وهى أبعد فى القدم من الكلام المسجوع لقس بن ساعدة وغيره من البلغاء الذين عاشوا قبل الإسلام.
وقد قيل إن ضمر بن ضمرة والأقرع بن حابس وغيرهما درجوا على أن يصدروا أحكامهم فى عبارات مسجوعة عندما كانوا يجلسون مجلس القضاء. (الجاحظ فى البيان والتبيين، جـ ١، ص ١١٣، س ٩).
ويروى أن محمدًا، [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، لام رجلا كان يصطنع السجع فقال له:"أسجعًا كسجع الكهان؟ "(الجاحظ: البيان. جـ ١، ص ١١٢، س ٢٠) كما نهى النبى صلى اللَّه عليه وسلم عنه فى الصلاة (البخارى، طبعة جوينبل، جـ ٤، ص ١٩٤، س ٢).
ولقد أولع الكتاب من بعد كالجاحظ والقالى وغيرهما فى وصف الجو