الدنيوية أيضًا وخاصة الطب تنمو. وتقترن نهاية هذا العهد بإنشاء المدارس التى ازدهرت بفضل السلاجقة وخاصة فى حلب ودمشق. وأثر سقوط هيبة الخلفاء العباسيين فى مذهب أهل السنة، وساعد على النمو السريع للفرق التى كانت تمارس شعائر خاصة للداخلين فيها وتتبع الشيعة مثل: الدروز والإسماعيلية النصيرية والمتولية.
وخف جور وكلاء العباسيين والفاطميين دون أن يكون له أثر فى شل حيوية البلاد العظيمة.
وفى سنة ٣١١ هـ حكم على وال من ولاة دمشق بأن يدفع لبيت المال ٣٠.٠٠٠ دينار. وبدأ عمران البلاد فى النقصان واضمحلت الزراعة ولم يقف فى سبيل انهيارها التام إلا إدخال محصولين جديدين هما قصب السكر والبرتقال، وتمت زراعة القطن واستخدم القطن فى صنع الورق. وكان بدمشق فى القرن العاشر الميلادى مصنع للورق. وينبغى للمرء أن يقرأ الإلمامة التى ذكرها المقدسى عن تجارة الشام فى كتابه فى الجغرافيا المسمى "أحسن التقاسيم"(ص ٨٠ - ١٨٤) ليخرج بفكرة عن الموارد المختلفة لبلاد لم تفلح قرون من الاضطهاد والحكم المزرى أبلغ الزراية فى إفقارها.
الشام تحت حكم الفرنجة: فى ٢١ أكتوبر سنة ١٠٩٧ ظهر جيش الصليبيين أمام أسوار أنطاكية واستطاع بعد حصار شاق جدًا أن يدخلها فى ٣ يونية سنة ١٠٩٨، ثم ساير الفرنجة وادى العاصى مجتازين جبال النصيرية محاذين الساحل، هنالك نقص عددهم فأصبح ٤٠.٠٠٠ مقاتل، وأفلتوا من محنة أمام بيت المقدس، واستولوا على هذه المدينة التى كان الفاطميون قد استردوها وشيكا من الأرتقية، فقد أخذوها عنوة فى ١٥ يولية سنة ١٠١٩، وانتخب جودفرى صاحب بويون رئيسا لهذه الدولة اللاتينية الجديدة (١١٠٠ - ١١٠٥ م) ولكن أخاه وخليفته بولدوين الأول كان فى الحق أول ملك تمزجى تولى حكم بيت المقدس. وقد غزا بولدوين الأول مدن الساحل: أرسوف، وقيساريه