وعكا وصيداء وبيروت وطرابلس (١١٠٩ - ١١١٠ م). ولقى أشهر ملوك الصليبيين مصرعه إبان حملة شنت على مصر. واستولى بولدوين صاحب بورج على صور سنة ١١٢٤ م، ومنى بالخيبة أمام دمشق، ولكن هذه المدينة اضطرت إلى أن تعده بأداء الجزية.
وإنما كانت سنة ١١٣٠ م أو ما حولها هى التى شهدت أكبر ما بلغته هذه المملكة اللاتينية من اتساع الرقعة، فقد امتدت من ديار بكر إلى مشارف مصر، ولم يتجاوز حدها فى الشام قط وادى العاصى الأعلى أو قمة جبال لبنان الشرقية. أما المدن الكبرى التى فى داخل البلاد وهى حلب، وحماه، وحمص، وبعلبك، ودمشق، فقد وافقت على أداء الجزية وإن احتفظت باستقلالها. وتألفت المملكة من حلف يجمع أربع دول إقطاعية:
١ - فى الشرق كونتية الرها على طول ضفتى الفرات. ٢ - فى الشمال إمارة أنطاكية، وقد شملت بحمايتها قيليقية (قاليقلا) الأرمنية ٣ - فى الوسط كونتية طرابلس، وكانت تمتد من حصن مرقب إلى نهر الكلب ٤ - وأخيرًا ممتلكات التاج، أى ممتلكات مملكة بيت المقدس إن شئت الدقة. وكانت تشمل جميع بلاد فلسطين الواقعة على الأردن وفى شرق الأردن وهى الإقليمان القديمان مؤاب وأدوم اللذان أصبحا إمارتى الكرك ومونتريال فى أرض الأردن الأقصى وكانت لها حينا من الزمن محمية هى ثغر أيلة العقبة. وقد شيد الصليبيون معاقل منيعة لحماية هذه الممتلكات: حصن الأكراد، وصافيتا، ومرقية، ومرقب، وفى جنوبى لبنان: شقيف أرنون، ثم فى شرق الأردن المعقلين الهائلين حصن الكرك وحصن مونتريال.
فلما توفى بولدوين الثانى بدأت الدولة اللاتينية فى الاضمحلال، وقد عجل بهذا الاضمحلال انعزال الصليبيين وتفرق كلمتهم وادعى الروم حق الولاية على شمالى المملكة. وسعى الأرمن إلى أن يقيموا لأنفسهم دولة وطنية فى إقليم طوروس ولم يتفق الفرنجة والروم والأرمن فيما بينهم،