لهذه الكلمة معنى عام هو الخبر أو المحادثة، دينية كانت أم غير دينية؛ (١) ثم أصبح لها معنى خاص، هو ما ورد عن النبى [- صلى الله عليه وسلم -] ورواه صحابته من قول أو فعل. وفى هذا المعنى يطلق على جملتة عند المسلمين اسم "الحديث"، ويطلق على العلم الخاص به "علم الحديث".
[١ - موضوع الحديث وصفته]
كان السير على سنة الآباء الأولين (والسنة هى النهج القديم المأثور الذى يعتاده المرء فى المبادلة والأخذ والعطاء) (انظر Muhamm. Stud.: Goldziher؛ جـ ١، ص ٤١، تعليق ٨) ولما جاء الإسلام لم يُبق على القديم، وهو اتباع عادات الآباء الكفار وأحوالهم وكان لا بد للمسلمين من أن ينشئوا لهم سنة جديدة. فأصبح واجبًا على المؤمن أن يتخذ من خلق الرسول وصحابته مثلا يحتذيه فى جميع أحوال معاشه، ولهذا بذل كل جهد ممكن فى سبيل جمع أخبار النبى [- صلى الله عليه وسلم -] وصحابته (٢).
وفى أول الأمر كان الصحابة أحسن مرجع لمعرفة سنة محمد [- صلى الله عليه وسلم -]، فهم قد عاشروه، وسمعوا قوله بآذانهم، وشاهدوا فعله بأبصارهم. ثم كان على المسلمين بعد ذلك أن يطمئنوا إلى أخبار التابعين وهم أهل الجيل الأول بعد النبى [- صلى الله عليه وسلم -]، وقد أخذوا الحديث عن الصحابة. واطمأنت نفوس المسلمين فى الأجيال اللاحقة إلى الوثوق بروايات تابعى التابعين أيضًا، وهم من أهل الجيل الثانى بعد النبى [- صلى الله عليه وسلم -] وقد عاصروا الصحابة وهكذا (٣).
واحتفظت الأحاديث بصبغة الأقوال الشخصية أجيالا عدة، فكان كل حديث صحيح يتألف من شطرين: الأول عبارة عن أسماء الرواة الذين نقلوا المتن أحدهم عن الآخر، ويسمى هذا الشطر "الإسناد" أو "السند" أى البرهان على صحة الرواية. فمن يروى الحديث كان يقول: سمعت فلانًا، أو حدثنى فلان عن فلان، وهكذا يبدأ الإسناد بالمحدث، ثم