أيضا أنه لم يستطع الذهاب إلى مكة عن طريق عيذاب المصرية، فاضطر إلى السفر إلى مكة مع الركب الدمشقى. وحدث أنه وصل دمشق قبل قيام الركب بشهور، فصرف وقته فى زيارة الشام جميعها، حتى حدود آسيا الصغرى، وذاق حلاوة السفر والتجوال، لغير غرض سوى الاستطلاع والاستمتاع.
ليس بغريب إذن أن يغرم ابن بطوطة بالتجوال والترحال بعد ما سمع من عالم الإسكندرية وشيخ فوة ماسمع، وبعد ما رأى من أرض الشام مارأى. وأن يزيد هذا الغرام كلما زاد هو فى أسفاره، سيما وأن مركزه الدينى سهَّل عليه كثيرا من عثرات
التنقل ووعثاء السفر، لأنه كان موضع التجلة والاحترام، فى معظم الأمكنة التى حل بها.
ويتجلى حب الاستطلاع الذى حمل ابن بطوطة إلى الأماكن النائية كالهند والصين، فيما ورد فى كتابه عن هذين البلدين، كما يتجلى أيضا اهتمامه برجال الدين وأمور الدين فى كل صحيفة من كتابه. وهذا كله يميز كتاب:"تحفة النظار" عن كتب الرحلات، فإنه ليس كتابا وصفيا للبلاد والجبال والأنهار التى راها ابن بطوطة. بل هو عبارة عن نسخة من الصور التى ارتسمت فى ذهن الرحالة عن الأشخاص والناس الذين ألقت بهم الصدف فى طريقة. فهو صفحة من التاريخ الاجتماعى الإسلامى، أكثر منه كتابا فى تقويم البلدان والجغرافيا.
محمد مصطفى زيادة
[ابن البيطار]
أبو محمد عبد الله بن أحمد ضياء الدين بن البيطار المالقى: عالم النبات والأعشَاب المشهور؛ والراجح أنه ينتسب إلى أسرة ابن البيطار فى مالِقَة (انظر ابن الأبار: المعجم، رقم ٣٥، ١٦٥، ٢٤١). ولد فى الربع الأخير من القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) ونخص بالذكر من شيوخه