من أن نادر رفض توقيع معاهدة مع تركيا، ما لم تشترك فيها روسيا كذلك، فقد كان واضحًا الآن أن حملات نادر الأخيرة قد أمّنت روسيا من أى خطر من تقدم الترك إلى قزوين، كما خلصت فارس من كلا الخطرين. وعندئذ انسحب "قابلان جيراى" -خان القرم الذى كان قد تقدم، بناء على أوامر من إستانبول، إلى دربند، وقام بتعيين حكام على مدن "داغستان"، وأمضى نادر شهور الشتاء الأولى فى إعادة ترسيخ سيطرته على هذه المنطقة الإستراتيجية.
نادر ملكًا:
فى يناير ١٧٣٦ م، ترأس نادر مجلسًا، دعا إليه قادة الجيش والحكام والنبلاء والعلماء من كل الممالك التابعة له. وقد جرى إبلاغ علية القوم (وكانوا يزيدون على العشرين ألفًا، ومن بينهم المبعوث العثمانى جانجى على باشا) بأن نادر ينتوى الآن بعد أن حرر فارس -أن ينسحب إلى خراسان ويعتزل هناك، وأن عليهم. وفى حرية تامة- أن يختاروا واحدًا من سلالة الصفويين ليحكمهم. . وطبيعى أن يحتج كل الحضور، ويعلنوا أن نادرًا وحده يجب أن يكون الشاه. . وبعد عدة أيام، وفى لفتة كريمة منه (أى من نادر) لان قلبه ورق، شريطة أن يتخذوا جميعًا المذهب السنى بدلًا من المذهب الشيعى، والذى أدخله الشاه إسماعيل (الصفوى) بعدما أراق الكثير من الدماء بين فارس وتركيا. وقد اتفق على هذا فى وثيقة وقعها كل الذين حضروا -وبعد ذلك صيغت شروط المعاهدة مع تركيا، متضمنة أن يعترف بالفرس- بعد أن تركوا المغالاة فى التشيع كأصحاب مذهب خامس وهو المذهب الجعفرى (نسبة إلى الإمام جعفر الصادق؛ والذين اعتقدوا بأن يخصص له مكان للصلاة (ركن) فى الكعبة (فى مكة)، وأن يكون هناك أمير فارسى للحج أسوة برؤساء بعثات الحج من سوريا ومصر، وقد اعتلى نادر شاه العرش رسميًا فى الرابع والعشرين من شوال ١١٤٨ هـ/ الثامن من مارس ١٧٣٦ م.
وقد استطاع نادر شاه، وهو يستأنف تقدمه جنوبًا عن طريق قزوين، أن يقمع ثورة موالية للصفويين