للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تاريخها]

استقرار الإنسان فى هذا الموقع ظل يحكمه الرى خمسة آلاف عام، والأصل فيه يعود إلى أزمان ضاربة فى القدم. وكانت حمص فى الألف الثانية قبل الميلاد لا يزال شأنها ضئيلا، ذلك أن المدن الكبرى فى هذا الإقليم كانت هى قادش التى احتلها الحيثيون أيام الملك رمسيس الثانى، وقتنة التى هى مشرفة حاليًا. ويذكر ياقوت أن نسبة المدينة ترجع إلى حمص بن المَهْر بن هاف بن مكنيف العمالقى، وأن الذى أسسها هم الأغريق القدماء الذين زرعوا فيها الزيتون الفلسطينى. وما من ريب فى أن حمص كانت من المدائن التى أنشأها سلوق نيكاتور أو قل إنها من المدن التى سماها هو بأسماء إغريقية، ولكن هذه المدن لم تحقق هويتها حتى اليوم. ودخلت حمص فى فلك الإمبراطورية الرومانية حين جعل بومبى سورية ولاية رومانية. ولا شك فى أن فن تخطيط المدن عند الرومان قد ترك آثاره على حمص، ذلك أن المرء يستطيع بعد أن يتتبع آثار مدينة شيدت على خطة مربعة تقوم قلعة فى ركنها الجنوبى الغربى، ولكن يندر أن نستطيع أن نميز فى شبكة طرقاتها بوابات المعسكرات الرومانية والمفارق. وقد نزل عرب كثيرون هذا الصقع قبل الإسلام بمدة طويلة، وقامت فيما بين سنة ٨١ ق. م و ٩٦ م أسرة محلية حكمت حمص، وكان ألمع أمير من هذه الأسرة هو سامبسيجراموس الذى آثر أن يقيم فى رستان (Arethusa) ومنها تحكم فى الطرق القائمة على نهر العاصى. والضريح الهرمى الذى شيده هذا الأمير فى حمص سنة ٧٨ م تخرب سنة ١٩١١. وكان معبد الشمس الذى كان يتعبد الناس فيه على صورة كتلة من البازلت الأسود ينافس بعلبك فى العصور القديمة.

ونهضت حمص، مفترق طرق الإمبراطوريات، من غمرتها فى أيام دوميتيان وحملت اسم إيمسا، وبدأت تضرب السكة فى القرن الثانى للميلاد أيام انطونينوس بيوس، ولكنها لم تصبح لها المكانة الأولى بين مدائن الشرق الرومانية حتى جاءت سنة