للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص ١٥٢: هؤلاء أعلام بالسيرة والمغازى من غيرهم)، ثم إن كلمة سيرة كانت تستعمل فى تلك الأيام حقًا للدلالة على ترجمة الحياة بصفة عامة، ذلك أننا نعلم بوجود سيرة هى "سيرة معاوية وبنى أمية" لعوانة الكلبى المتوفى سنة ١٤٧ هـ أو ١٥٨ هـ، أو لمنجاب بن الحارث (التميمى المتوفى سنة ٣٢١ هـ؛ الفهرست، ص ٩١، س ١٨).

ومعنى "السيرة" متسلسل من "المسلك" أو "طريقة الحياة" اللذين تدل عليهما هذه الكلمة واللذين يعدان تطورا طبيعيا للأصل س ى ر، أى "سلك" أو "ذهب فى الأرض" (وقد وردت كلمة سيرة فى القرآن، سورة طه، الآية ٢٠) * بمعنى "السنة" أو"الهيئة" ويبدو أن صيغة الجمع "سيَر" هى التى كانت مفضلة فى أول الأمر عند الكلام على ترجمة حياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] والراجح أنها أطلقت على الروايات الخاصة بحياته أسوة بـ "سير الملوك" البهلوية (١) الأصل التى كان العرب يعرفونها فى مطلع الإسلام (انظر Geseh. der Perser u, Araber: Noldeke, ص ١٤ - ١٨). والمصطلح "سير" يجئ فى جل الإشارات التى لدينا عن المؤلفات العربية الأولى الخاصة بترجمة حياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مقترنا دائمًا بكلمة المغازى (A. Fischer فى Cesch, Schwally d.Qorans: Noldeke جـ ٢، ص ١٢٢) واقتران هاتين الكلمتين يضئ لنا السبيل فى التعرف على أصل السيرة المركب.

[(١) أصل السيرة وطبيعتها]

إن فكرة جمع قصة حياة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- من مولده إلى وفاته فى رواية متتابعة محكمة ليست فكرة قديمة فى الجماعة


(*) رقم الآية فى المصحف العثمانى هو ٢١ [م. ع]
(١) و (٢) أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون. أعوذ بمعاذ بين يدى ما أعلق على مادة "سيرة" رجاء أن يرزقنى اللَّه الوقاية من همز فيها تحضرنى فيه الشياطين فيكون تعليقى على غير ما أحب له من براءة وترفع واحترام للمنهج العلمى أتمنى دائمًا أن يتسم بها معاشنا مع هؤلاء السادة.
وأجمع فى هذا التعليق رقمى ١، ٢ لأنهما مع عدم تقاربهما يؤلفان -كما يتضح جليا- فكرة متكاملة وصورة متماسكة لشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وفهم هذه الصورة المتصلة قبل التعليق عليها ضرورى, والحديث عن بعض أجزائها يتصل أقوى الاتصال بالحديث عن سائرها، فلهذا جمعت التعليقين. ففى رقم =