للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (١) من المادة يقول الكاتب "الراجح أنها أطلقت على الروايات الخاصة بحياته -الرسول- أسوة يسير الملوك البهلوية الأصل التى كان العرب يعرفونها فى مطلع الإسلام". ومعنى هذا فى جلاء أن صورة الرسول فى نظر أتباعه كانت صورة الملوك البهلوية، وهو الذى طبع فى نفوسهم تلك الصورة طبعا -ويتكامل هذا المعنى بما جاء فى رقم ٢ من المادة ونصه: "كما انصرف -أى الاهتمام- إلى تخليد ذكر المغازى على غرار ما كان يفعل العرب فى الجاهلية، تلك المغازى التى اشترك فيها المسلمون تحت راية قائدهم الذى كان جل اتباعه ينظرون إليه نظرتهم إلى أمير استطاع بفضل حكمته وشجاعته، المؤيدتين بروح من اللَّه، أن يحرز من آيات النصر أروعها وأعظمها أثرا فى النفوس وإن كان لا يختلف فى خلقه اختلافا مشهودا عن أمراء الجاهلية". فالرسول عليه الصلاة والسلام فى نظر جل أتباعه أمير لا يختلف عن أمراء الجاهلية، وما أقرب الإمارة من الملك. .
ونسأل الأستاذ كاتب المادة عن أشياء فى منهج تفكيره مثل: -
(أ) صدرت الكلام باستعمال كلمة "سيرة" لحياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] عند أكثر من مؤلف؛ واستعمالها فى تلك الأيام فعلا لترجمة حياة معاوية، مثلا لاستعمالها فى تلك الأيام فعلا للدلالة على ترجمة الحياة. وبعد شرح معنى "سيرة" المفردة وبيان استعمال القرآن لها. . الخ. إذا بك تعقب بقولك: ويبدو أن صيغة الجمع "سيَر" هى التى كانت مفضلة فى أول الأمر عند الكلام على ترجمة حياة النبى. . وقد بدا لك هذا دون مثل له ولا شاهد عليه، وبعد الذى قدمته من استعمال اللفظ المفرد "سيرة" ومقاله وشاهده. . فهل لى أن أقول إن المنهج غير دقيق فى هذا الموقف. .!
(ب) بعد الذى فات عن استعمال المفرد، عقبت بقولك "والراجح أنها أطلقت على الروايات الخاصة بحياته أسوة يسير الملوك البهلوية كالأصل التى كان العرب يعرفونها فى مطلع الإسلام. . فبم رجح عندك هذا التأسى فى إطلاق لفظ الجمع "سير" كسير الملوك البهلوية؟ . . الجمع قد بدا لك بدوًا فقط، بعد ما واجهتك شواهد استعمال المفرد، فبأى شئ رجح عندك هذا التأسى؟ وكيف صار ما بدا -بلا شاهد- هو الواقع، وهو صادر عن حال نفسية لمستعمليه، وهى التأسى باستعمال الفرس للجمع فى سير ملوكهم البهلوية؟ . . وهل المنهج فى هذه الانتقالات دقيق!
(جـ) تذكر -فى رقم ٢ - أن جل أتباع الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا ينظرون إليه نظرتهم إلى أمير لا يختلف فى خلقه اختلافًا مشهودا عن أمراء الجاهلية. . فما دليلك على هذه النظرة من جل أتباعه إليه، أو -على الأقل- ما الشاهد عليها من خبرهم؟ ! ثم ما شاهدك على أن جل أتباعه كانوا ينظرون إليه هذه النظرة، وعن أى إحصاء صدرت فى هذه؟ ! وهل المنهج فى هذه الأقوال دقيق!
(د) ذكرت الأمراء فى الجاهلية، وجعلت محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- كأحدهم، لا يختلف اختلافًا مشهودا، فماذا كان الأمراء فى تلك الحياة القبلية الأبوية الطابع؟ ومن هم أمراء الجاهلية الذين كانوا قوادا ذوى ألوية انتصر أتباعهم تحت قيادتهم! وهل المنهج فى هذه الدعاوى دقيق!
وإذا جاوزنا ما فى البيان والتعبير إلى ما فى الحكم والتفكير فإنا نسأل الأستاذ كاتب المادة أسئلة أخرى عن تقديره الحقائق التاريخية حين قرر ما قرر، وتلك الأسئلة مثل:
(أ) هل الاتجاه إلى ظواهر الملكية والإمارة فى اعتبار أتباع الرسول له، أو فى تصويره هو نفسه لهم، هل هذا الاتجاه يتفق فى شئ مع إصرار الرسول فى مقام الرسالة، وهو أسمى من مقام الملوك، على تقرير بشريته، ومماثلته للنَّاس، وأنه ليس إلا بشرا رسولا. . والكاتب نفسه يعرف هذا جيدا. وسيذكره فيما يلى من هذه المادة.
(ب) هل الاتجاه إلى الملكية والإمارة يتفق مع تصرفات الرسول كنهيه أصحابه عما تفعله الأعاجم لملوكها، ودفع خوف من خاف منه بقوله: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد!
(جـ) وقبل هذا كله، هل كانت طبيعة الحياة العربية حول الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] تهيئ له مثل هذا الاتجاه إلى الملكية والإمارة، أو تساعد على تصور أصحابه له فى هذه الصورة، حتى يتأسوا فى سيرته يسير الملوك وينظروا =