اليسير عن وقت إسلام هذه المدينة ومدى ما بلغه الإِسلام منها. ولكن من الجلى أن عدد المسلمين الذين أقاموا فيها بعد الفتح مباشرة زادوا بلا شك زيادة كبيرة بالهجرة إليها. ولم يكن الدين في عهد الخلفاء الأمويين الأول على الأقل حاجزا منيعا بين المسلمين وغيرهم، فنحن نجد النصارى على صلات وثيقة بالخلفاء يشغلون أرفع المناصب، ونخص بالذكر الأسرة الرومية من جباة الخراج التي كان لها شأن في إخضاع المدينة والتى ينتمى إليها يوحنا الدِّمشقي (Caetani. جـ ٣، ص ٣٧٦؛ : Lammens Melanges de la Fac. Or جـ ٣، ص ٣٤٨ وما بعدها) وكانت الأحوال في المدينة وقتذاك تتطلب إحكام العلاقة بين الديانتين، ومن الواضح أَيضًا أن كتابات يوحنا كانت من بعض الوجوه ثمرة للمناظرات بين النصارى والمسلمين (انظر Becker: في Zeitschr. fur Assyriologie جـ ٢، ص ١٧٥ وما بعدها).
وجر دوال العهد الأموى، وما صحبه من فتن، الويلات على المدينة. فقد أشعل العراقيون المشاغبون النَّار فيها مرارًا في غضون سنة ١٢٢ هـ (٧٤٠ م) ودمروا عددًا من أحيائها (الطبرى، جـ ٢ , ص ١٨١٤؛ Theophanes طبعة دى بور de Boor، ص ٤١٢) ونجح يزيد بن الوليد عام ١٢٦ هـ في استعادة القصبة والخلافة بانقلاب قام به بغتة، والظاهر أن هذا الانقلاب تم من غير إراقة دماء. ولما مات يزيد احتل مروان بن محمَّد عام ١٢٧ هـ (٨٤٤ م) دمشق من غير مقاومة، وعمد خصمه سليمان بن هشام إلى الفرار. ولكن الخليفة الجديد نقل حاضرة دولته من دمشق إلى حران فانتقض عليه أهل الشَّام. وأخمدت الفتنة، وعوقب المنتقضون بهدم أسوار دمشق كما يقول تيوفان. وقد قامت دمشق بواجبها بوصفها حاضرة الخلافة الإسلامية.
[دمشق من سنة ٧٥٠ م - ١١٥٠ م]
وبدا أن مروان قد مكن لدولته، على أنَّه لم ينقض على ذلك سنتان حتَّى سقطت الدولة الأموية أمام ضربات العباسيين. وفتح دمشق "عبد الله بن