على"، أحد أعمام الخليفة الجديد، بعد حصار قصير في غرة رمضان عام ١٣٢ هـ الموافق ٢٨ أبريل ٧٥٠ م. ويقول مؤرخو العرب إن أسوار دمشق القديمة هدمت في ذلك الوقت. واستقر الخلفاء الجدد في العراق، وانكمشت دمشق فأصبحت قصبة ولاية فحسب. وكان الخلفاء في كثير من الأحيان يستعملون على الولايات الغربية أحد الأمراء المقربين لهم في بغداد، فيكتفي هذا الأمير أَيضًا بإنفاذ نائب عنه يلى أمرها, ولم يكن ذلك في مصلحة هذه الولايات.
ولم تذكر دمشق في العهد التالى إلَّا قليلًا، وواضح أن الخلاف الذي أخذ أمره يستفحل أيام المروانيين، بين القيسية واليمنية في الشَّام، استمر في عهد العباسيين (ففي عام ١٧٦ هـ أنفذ موسى البرمكى إلى دمشق، وفي عام ١٨٠ هـ أنفذ أخوه جعفر) وطبيعى أن زيارات الخليفة لدمشق من وقت إلى آخر لم تعد إلى هذه المدينة عزها القديم حين كانت قصبة الدولة الأموية. وانصرف المتوكل عن فكرته في إعادة قصبة الخلافة إلى دمشق (عام ٢٤٤ هـ الموافق ٨٥٨ م) بعد إقامته القصيرة فيها.
وكانت الدولة تسير بخطى سريعة نحو الإنهيار. ففي عام ٢٥٤ هـ (٨٦٨ م) تولى أَحْمد بن طولون القوى المقتدر أمر مصر، فلم تلبث هذه الولاية أن أصبحت مستقلة بالفعل عن الخلافة، وفي عام ٢٦٤ هـ (٨٧٨ م) وقعت بلاد الشَّام بما فيها دمشق في قبضة أَحْمد. ولم تُعمَّر السيادة الطولونية عليها إلَّا حوالي ربع قرن. وكانت الفترة الأولى من هذا العهد فترة ازدهرت فيها مصر ازدهارًا, ولا ينطبق هذا القول تمامًا على بلاد الشَّام, لأنها كانت أكثر من مصر تعرضا لهجمات الأعداء، وإن كنا قد قرأنا عن قصر شيده خمارويه لنفسه بالقرب من دمشق أسفل دير مرّان على نهر تورا، وهو القصر الذي اغتيل فيه في ذي الحجة عام ٢٨٢ هـ. أما الفترة الثَّانية فقد أفل فيها نجم الطولونيين، واقترنت بغارات مخربة شنها القرامطة الذين كانوا دائبين على الظهور عند أبواب دمشق منذ عام ٣٨٩ هـ (٩٠٣ م) حتَّى قضى جند الخليفة عليهم، ثم