وولى طغج بن جُف حكم دمشق أيام خمارويه، وكان طغج سليل الإخشيدى فيما وراء النهر وجنديا مقتدرا. وقد قدر لولده الإخشيد، الذي حكم مصر عام ٣٢٣ هـ (٩٣٥ م) أن يكون له في مصر والشَّام ما كان للطولونيين من شأن. فقد كانت الشام دائمًا ولاية تحف بها المخاطر لا يستتب أمرها لمن يملكها. وإنهار الإخشيديون آخر الأمر أمام دولة كانت هي أَيضًا تناضل في سبيل الحصول على اللقب الديني الذي كان يحمله الخليفة المجرد من الحول والطول. ذلك أن دولة الفاطميين الشيعية كانت منذ أمد طويل متأهبه للانقضاض على مصر، ووجد المعز أن الفرصة واتته عندما ألفى القرامطة يعاودون نهب الشام، فاستولى على مصر عام ٣٥٨ هـ (٩٩٩ م) وعلى دمشق في العام نفسه، ولكن دمشق خرجت عن طاعته بعد ذلك مباشرة. فأخذها القرامطة أولا، فلما قضى عليهم عمت الفوضى المدينة وأحرق كثير من أحيائها. وحكم الفاطميون دمشق بعد ذلك قرنًا لم تكن فيه أسعد حالا. فنحن نقرأ كثيرًا عن تبديل الولاة وعن قيام فتن لا يمكن أن ترد أسبابها إلى ما فطر عليه أهلها من شغب فحسب. وقد أدت إحدى هذه الفتن إلى إحراق المسجد الأموى عام ٤٦١ هـ (١٠٦٨ م).
وفي عام ٤٦٨ هـ (١٠٨٦ م) استولى القائد السلجوقى أتسز على دمشق، وبذلك خسر الفاطميون المدينة إلى الأبد. وخطب باسم الخليفة العباسى مرة أخرى على منابرها. ويقال إن أتسز هو الذي شيد القلعة (المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة، جـ ٧ ص ٣٧٥) ولكن من المحقق أن أساسها قد أقيم قبل عهده. ولم يدم حكم أتسز إلَّا أعوامًا قليلة، واضطر إلى إخلاء المدينة عام ٤٧١ هـ (١٠٧٩ م) للأمير السلجوقى تتش. (انظر كتاباته في: Van Berchem INscr. Arabes de Syrie ص ١٢ وما بعدها، ٩٠ وما بعدها، وفي المجلد السابع، جـ ١، ص ١٤٩) ولما تُوفي، حكم طغتكين البلاد باسم ابنه دقاق، وإليه ينسب بيمارستان من بيمارستاناتها (المجلة الأسيوية،