على الخارجى أن يتوب، فإذا رفض وقعت عليه عقوبة قاسية. أما الزنديق فلا تعرض عليه التوبة، وإنما يعدم فورًا جزاءً على ردته. وكان الخلفاء العباسيون عادة يحيلون قضايا الهراطقة ومثيرى الفتن أو من يعتبرونهم كذلك إلى قضاة مالكيين، فكان أبو عمر بن يوسف قاضى قضاة المالكية فى بغداد هو الذى حاكم الحلاج وحكم بإعدامه عام ٣١٩ هـ/ ٩٢٢ م. وبنفس الطريقة أعدم متطرفان من الشيعة فى القرون الوسطى هما حسن ابن محمد السكاكينى الذى اعدم فى دمشق عام ٧٤٤ هـ/ ١٣٤٢ م وعلى بن الحسن الحلبى الذى اعدم ٧٥٥ هـ/ ١٣٤٢ م.
المالكية والتصوف. كمبدأ، لا مكان للتصوف فى مدرسة مالك، فهناك حديث عن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ينهى عن الرهبانية بل يعتبرها بدعة، ولكن كان هناك اتجاه نحو الزهد لم يلفت الأنظار حتى القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى ولكن نتيجة للنشاط الفكرى الكبير الذى حدث فى الشرق الإسلامى ابتداء من نهاية ذلك القرن، انتشرت الصوفية انتشارا كبيرا وبلغت حجما مزعجا بالنسبة للاعتدال الذى كان سائدا. ففى المغرب، كان للصوفية مكانة فى دولة المرابطين بالرغم من الفتاوى التى صدرت تدين وتلعن أعمال الغزالى (المتوفى عام ٥٠٥ هـ/ ١١١١ م)، بل إنها ازدهرت فى دولة الموحدين، أما فى الأندلس، حيث لم يكن هناك تسامح، فقد تمتعت الصوفية بفترة نفوذ قصيرة فى زمان ابن مسرة (المتوفى عام ٣١٩ هـ/ ٩٣١ م) وتلاميذه.
من الصوفية المالكية أبو القاسم الشبلى (توفى فى بغداد عام ٣٣٤ هـ/ ٩٤٥ م) وأبو عثمان ابن سلامى المغربى (توفى فى نيسابور عام ٣٧٣ هـ/ ٩٨٣ م)، وبعد الغزالى، انتصرت الصوفية على يدى عبد القادر الجيلى الحنبلى (المتوفى عام ٥٦١ هـ/ ١١٦٦ م) الذى انتشرت مدرسته انتشارا كبيرا فى الشرق والغرب الإسلاميين. ونشر أبو مدين الأندلسى مذهبه فى المغرب وكان من