ولد عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين ابن مصعب بن زريق الخزاعى سنة ١٨٢ هـ (= ٧٩٨ م) ومات عام ٢٣٠ هـ (= ٨٤٤ م) وكان من أهل الأدب ينظم الشعر ويشتغل بالسياسة، وكان مقربا من الخلفاء و"موضع ثقتهم" ولما استعملته الخلافة العباسية على خراسان صار شبه مستقل فى ولايته، ولقد أسس أبوه طاهر بن الحسين الدولة الطاهرية القوية وبسط نفوذها على النواحى الممتدة من إقليم الرى إلى الحدود الهندية، واتخذ نيسابور عاصمة له. ولقد استعمل الخليفة المأمون سنة ٢٠٦ هـ (= ٨٢١/ ٢ م) ولده عبد اللَّه ابن طاهر واليا على كل الإقليم الممتد من الرقة إلى مصر، كما استعمله فى الوقت ذاته على قوات الخلافة التى خرجت لمحاربة "نصر بن شيث" الذى كان من أنصار الأمين وحاول السيطرة على بلاد ما بين النهرين فلما تمت الغلبة لعبد اللَّه بن طاهر على خصمه نصر بن شيث اتجه عبد اللَّه سنة ٢١١ هـ (= ٨٢٦ م) إلى مصر التى كان قد فر إليها جماعة من أهل الأندلس وأقاموا بها عشر سنوات [دون أن يستطيع أحد إخراجهم منها] فزادوا البلد خلال هذه السنوات العشر ضعفا على ضعف وسرعان ما أمسك عبد اللَّه ابن طاهر برؤوس اللاجئين الاندلسيين [وهددهم وأدركوا الصدق فى تهديده فاستسلموا له وسألوه الأمان فأمنهم فرحلوا إلى جزيرة كريت وكانت تعرف باقريطش] واستقر الهدوء فى مصر بعد أن نزحوا عنها.
وحدث فى أثناء وجوده فى "دينور"(بإقليم الجبال) وانشغاله بجمع الجند لإخماد فتنة بابك الخرمى أن مات طلحة أخو عبد اللَّه وذلك عام ٢١٤ هـ (= ٨٢٩ م) فولاه المأمون مكانه على خراسان، فبرهنت سيرته فى ولايته هذه على أنه الوالى الكفء الحصيف الذى بلغ الغاية فى الحكمة والعقل إذ نجح فى تأسيس حكومة وطد أركانها، ونشر الأمن فى أرجاء ولايته، وحمى العامة من مفاسد أهل الطبقة العليا وبطشهم وما ينزلونه بالناس من أذى، كما أفشى العلم بين الناس، ولم يحرم