أى امرئ -مهما بلغ فقره- من أن ينال حظه من التعليم.
وترتب على المنازعات حول مياه الرى فى نيسابور أن أمر بعمل استقصاء حول هذه المياه فأسفر التحرى عن الكتاب الذى سماه "كتاب القنوات" والذى تضمن أحكاما قضائية ثابتة عن استعمال المياه، وظل هذا الكتاب مرشدا فى موضوعه لعدة قرون (انظر مقال شميت A. Schmidt: Islamica, ١٩٣٠, P.١٢٨ ولقد نجح عبد اللَّه بن طاهر فى أيام خلافة المعتصم فى إخماد ثورة الخارجى العلوى محمد بن القاسم وذلك سنة ٢١٩ هـ (= ٨٣٤ م) كما استطاع بعد ذلك بعدة أعوام، أعنى سنة ٢٢٤ هـ (٨٣٨ م) أن يطفئ فتنة أشد من فتنة ابن أبى القاسم خطرا كان قد أضرمها "اسبهسبارها" المزيار بن [قارن] الذى شجعه الافشين عليها وذلك فى إقليم طبرستان التابع له باعتباره والى خراسان.
ويروى "جرد يزه" أن كراهية المعتصم لعبد اللَّه بن طاهر بلغت حدا أنه لما آلت الخلافة إليه أرد هلاكه فبعث إليه جارية بهدية هى عبارة عن حلة مسممة، ولكن فشلت هذه المحاولة من جانب الخليفة إذ ما كادت الجارية ترى عبد اللَّه حتى شغفها حبا ملك عليها قلبها فكشفت له عن المكيدة التى دبرها له المعتصم، الذى ترجع أسباب نقمته على عبد اللَّه بن طاهر إلى ما كان قد ترامى إلى سمعه من نقد وجهه إليه، ومهما كانت حقيقة هذا الخبر فقد كان عبد اللَّه بن طاهر يتمتع بتقدير الخليفة الكبير له، وقد شهد له بهذه المكانة أعتى خصومه وأشدهم نقمة عليه ألا وهو الأفشين أثناء محاكمته على هرطقته إذ شهد على كره منه بأن المعتصم نفسه أشار إلى عبد اللَّه كواحد من أربعة رجال عظام ازدان بهم عهد أخيه (والعجيب أنهم جميعا من بيت بنى طاهر) وتحسر الخليفة أنه هو داته لم يستطع أن يربّى رجالا على هذا الطراز الرفيع.
وكان عبد اللَّه كبقية آل طاهر رجلا شديد الثراء، وصار قصره الرائع فى بغداد ملاذا يلجأ إليه الخائف فلا يخشى شرا يصيبه أو ضرًا يلحقه،