صالح بن عبد اللَّه بن العباس. وفى عهد العثمانيين لم تعد قنسرين سوى قرية فقيرة تحمل اسم اسكى حلب، ولكنها اليوم عادت إلى اسمها القديم.
٢ - قنسرين الجند: يمتد حول قنسرين سهل متموج شاسع (كورة) هو من أخصب بقاع شمالى سوريا حيث تزرع بنظام الرى الحبوب وأشجار الفاكهة والكروم. وقد زار القديس جيروم فى سنة ٣٧٥ هـ هذه المقاطعة حين كان يقوم بحركته الاصلاحية لتطوير الرهبنة والنسك وشهد بازدهار الناحية.
فى أفق هذا السهل يبدو إلى الجنوب جبل زاوية وإلى الغرب جبل بَرِيشة وإلى الشمال جبل سمعان وسهل مرج دابق الذى تتناثر فيه الأرض المزروعة، أما إلى جهة الشرق فتبدو مستنقعات جَبُّول الملحية التى تلمع تحت ضوء الشمس. وقد وصل العرب منذ وقت مبكر إلى أراضى قنسرين التى تتطابق وأحد الأقسام الادارية البيزنطية "المعروفة باسم شمال الشام" وكانت عاصمته أنطاكيه. وفى القرن السادس الهجرى ضربت القبائل العربية خيامها فى الجزء الشرقى من المنطقة الممتدة ما بين الفرات وقنسرين. ومن بين المعارك التى دارت فى هذه الأرض يمكن الإشارة إلى تلك المعركة التى انتصر فيها الحارث الغسانى على المنذر اللخمى أمير الحيرة والتى جرت فى ٥٥٤ م قرب نبع عُذَيّة.
قسم المسلمون سوريا بعد الفتح إلى أربعة أجناد: هى جند الأردن وجند الشام وجند دمشق وجند حمص. وينسب الطبرى والدمشقى إنشاء جند قنسرين إلى معاوية الذى أقر فيه اللاجئين من البصرة والكوفة، بينما يعزو البلاذرى وياقوت إنشاءه إلى يزيد بن معاوية الذى اقتطع له بعض النواحى من جند حمص.
وفى عهد العباسيين، وبعد انتصارات المنصور وخلفائه نما هذا الجند فى اتجاه الشمال ووصل إلى أقصى اتساع له فاستوعب فى الشمال قرُوص ويزين ودُلُوك وفى الشمال الغربى عينتاب على مسيرة يومين وقلعة الروم على مسيرة خمسة أيام من حلب وفى الجنوب ضم نواحى