اولئك المحدثين، فى بيئتهم العلمية المتقدمة، فتتناول من أفق أوسع من ذلك كثيرا، وعلى أساس أعمق مما فى الدائرة وأقوم. . والدراسات القانونية العصرية تعنى بجانبين من البحث العلمى هما: الدراسة التاريخية؛ والدراسة المقارنة؛ فكان الأمل أن تتجه العناية فى كتابة مادة "شريعة" إلى هذين الجانبين، فيكشف فيها عن مكان الشريعة الإسلامية، بين شرائع العالم، من وضعية ودينية، كشريعة المصريين، وشريعة البابليين، وشريعة اليونان، وشريعة الرومان، وشريعة الهنود وغيرها من القديم والحديث، كما يصف تطور هذه الشريعة، التى نشأت فى الجزيرة العربية، ثم عاشت واستقرت فى مواطن الحضارة المختلفة من مصرية، وفارسية، وإغريقية، ورومانية، وغيرها. . وأن يكشف البحث المقارن بين الشريعة الإسلامية وأخواتها عن المبادئ القانونية فيها، ومقاطع الحقوق، ومناشئ الواجبات، وصورة العدالة وأمثال لهذه الجوانب، تعرض هذه الحقائق فى حال تليق بالعصر، وبمستوى مَن تصدر عنهم هذه الموسوعة، وتلفتنا نحن إلى جوانب ينبغى أن نوجه إليها عنايتنا. . . وهى الصورة التى لا تزال تحتاج إلى جهد يتعاون عليه ضليع فى تاريخ القانون مع قدير فى الفقه وتاريخه، فتكتب مادة "شريعة"، الكتابة اللائقة بها الآن، من جديد.
ذلك هو الشعور العام الذى يتملك قارئ المادة. .، وأمّا ما يقف عنده من مواضع للتعقب فغير قليل من المسائل، نسوق أهمها:
[٢ - بين الحقيقة والشريعة]
أو بين الفقهاء والصوفية: فقد دكرت المادة أن الشريعة هى المحكمة الظاهرة، وأنها لا تتناول موقف الإنسان أمام المحكمة الباطنة. . وكان عرض هذه المسألة الكبرى موجزا جدا ومُوهِما، حتى ليظن الظان أنه إنكار للعمل القلبى فى الشريعة، مع أن النية التى بها قوام العمل فى الشريعة إنما هى عمل قلبى! ! . . ولو قد أسعف البيان فى المادة لاتضح أن النية عند الصوفية هى: ما يصحب الفعل من باعث نفسى، ومقصد خلقى. . وأما النية عند الفقهاء فهى ما