مناى المنا كل المنا أنت لى منى ... وأنت الغنى كل الغنى عند إقصارى
وأنت مدى سؤلى وغاية رغبتى ... وموضع شكواى ومكنون إضمارى
وهكذا ينتهى بنا كل ما تقدم من حديث عن حياة ذى النون الروحية ومذهبه في الطريق إلى الله وفى المعرفة اليقينية والمحبة الإلهية إلى أن ذا النون المصري لم يكن زاهدًا أو عابدًا من طراز الزهاد والعباد الذين حفلت بهم عهود الحياة الروحية الإسلامية الأولى فحسب، وإنما كان صاحب منهج وصاحب مذهب، وكان أخص خصائص منهجه التحليل والتعليل والتأويل وكلها أشياء تبيّنا بعض آياتها من خلال ترتيبه وتصنيفه للأحوال والمقامات، كما كان ابرز ما يتسم به مذهبه من سمات، هذه الصبغة التيوزوفية التي اتخذ فيها من الله موضوعا أسمى لمعرفته ومحبته وغاية قصوى لرغبته ومنيته.
الدكتور محمد مصطفى حلمى
[الذهبي]
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز بن عبد الله التركمانى الفارقى الدمشقي الشافعي، مؤلف عربى ولد في ميافارقين في غرة ربيع الثانى أو في الثالث منه عام ٦٧٣ هـ (٥ و ٧ أكتوبر ١٢٧٤ م) وتوفى في دمشق ليلة الإثنين الثالث من ذى القعدة عام ٧٤٨ هـ (٣ - ٤ فبراير ١٣٤٨) ودفن عند الباب الصغير (ويزودنا لقبه الذهبي في حساب الجمل بتاريخ وفاته)(١) ويقول محمد ابن أحمد بن إياس إن وفاته كانت عام ٧٥٣ (١٨ فبراير ١٣٥٣ - ٥ فبراير ١٣٥٣).
بدأ يدرس الحديث عام ٦٩٠ هـ (١٢٩١ م روايات أخرى أنَّه بدأ دراسته في سن الثامنة عشرة) في دمشق على عمر بن قوّاس وأحمد بن هيبة الله بن عساكر وغيرهما؛ وفى بعلبك على عبد الخالق بن علوان وزينب بنت عمر بن كندى؛ وفى حلب على
(١) المقصود طبعا أنها مجرد مصادفة أن يكون مجموع ما تساويه حروف اسمه هو ٧٤٨ وهو سنة وفاته. (م. ع).