بعد اعتاق المملوك تحسم مسألة نسبة النهائى مدى الحياة. فهو ينتمى بالولاء، من ناحية، لولى أمره (معتقه، وأستاذه)، ومن ناحية أخرى، لزملائه فى الخدمة والعتق والذين يعرفون بالخشداشية وتتجلى مشاعر ولاء المماليك لأولياء أمورهم فى تلك الحالات التى لا تسير فيها الأمور وفق المقدر لها. وذلك حين يحدث أن يموت ولى الأمر وهو السلطان أو يعزل قبل الموعد المحدد لعتق مجموعة من المماليك بوقت قصير. إذ ترفض هذه المجموعة فى بعض الأحيان أن يعتقها السلطان الجديد خوفًا من أن عتقهم على يديه يُشكل ضربة مميتة لفرص ترقيهم بأن يصبحوا جزء، من الطبقة الأرستقراطية العسكرية العليا. ولقد أقام ولى الأمر وعتقاؤه علاقات مماثلة لتلك العلاقات العائلية. فهو يعتبر والدًا لهم وهم أولاده، وهم يعتبرون أنفسهم أخوة فيما بينهم، مع علاقات خاصة بين الإخوة الكبار (الأغوات) والإخوة الصغار (الإنايات).
[٦ - المجتمع المملوكى]
كان المجتمع المملوكى فى عهد سلطنة المماليك مجتمعا منيعا للغاية، قائما بذاته. وإذا ما أراد الشخص أن يصبح عضوًا فيه أحتاج إلى استيفاء متطلبات محددة للغاية. وهى أن يكون أشقر البشرة؛ ومن -معظم الحالات- من سكان المنطقة الممتدة إلى شمال وشمال شرقى أرض الإسلام أن يكون قد ولد وثنيا وأن يكون قد أحضر إلى سلطنة المماليك طفلًا أو صبيًا (فى سن البلوغ)؛ وأن يكون قد أشترى، وأن يكون معتقه الذى تولى تربيته من طبقة الأرستقراطية العسكرية. وقد بدأ هذا التنظيم المملوكى قبل قيام دولة المماليك وكان جميع أفراده، بإستثناء قلة قليلة يحملون، أسماء، تركية بصرف النظر عن أصولهم. وصار هذا هو الوضع أيضًا مع الشراكسة حين جاءوا ليكِّونوا العامل الرئيسى فى الأرستقراطية العسكرية. وحقيقة أن معظم المماليك ممن يعرفون (أولاد الناس) قد حملوا أسماء إسلامية ساعدت كثيرًا فى معرفة إنتسابهم لتلك