٥٣٧ هـ (٢٨ يناير ١١٤٣ م) قبل خمس سنوات فقط من استيلاء عبد المؤمن الموحدى على مراكش -تاركا ولده تاشفين ليخلفه على العرش المزعزع.
بَيْد أنه على الرغم من هذه البلايا الكارثة إلا أنه يمكن اعتبار عهد على بن يوسف من أزهى العصور فى تاريخ المغرب الإسلامى، ذلك أن المؤرخين الموالين للموحدين (وتابَعهم فى ذلك دوزى) حاولوا عبثا الغض من المرابطين، غير أنه ينبغى علينا اليوم أن نُقِرْ أن الثلث الأول من القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) واكبته نهضة إيجابية اتسمت بها الحضارة الإسبانية فى كل من الأندلس والمغرب، فقد ظل محيط البلاط كما كان عليه أيام الطوائف، وعادت قرطبة لتكون مرة أخرى العاصمة الفكرية والاجتماعية للمملكة، ويعطينا ابن قزمان صورة لطيفة عنها فى أزجاله، كما يمدنا المحتسب ابن عبدون بمعلومات عن الاقتصاد الريفى فى إشبيلية وعن الدور الذى لعبه كبار رجال المرابطين فى إنعاشه.
ومع ذلك فقد استمرت يد المالكية فى أقوى صورها الباطشة تعمل على ايقاف عجلة المجتمع، وكان للفقهاء -وأغلبهم من أهل الأندلس- اليد العليا فى كل من مراكش وقرطبة، واعتبروا أنفسهم حماة للدين حتى لقد أحرقوا فى سنة ٥٠٣ هـ (١١٠٩ م) كتاب الإحياء للغزالى فى ساحة مسجد قرطبة الجامع، وتعالى تنديدهم بما سموه برخاوة الأخلاق، ووقفوا ضد ما زعموه بدعا مستحدثة عسى أن يعيرهم السلطان أذنا صاغية، غير أن بقية كبار المرابطين وزوجاتهم لم يعبأوا بعظاتهم، ونجم عن ذلك حدوث فجوة عميقة أخذت فى الاتساع بين الارستقراطية اللمتونية وسكان المدن، ولم يكن لدى على بن يوسف الشجاعة الكافية فى سدها فى وقتها.
[المصادر]
أهم المصادر العربية فى هذا الموضوع هو كتاب نظم الجمان لابن القطان، والبيان المغرب لابن عذارى.
وانظر أيضا المراكشى الحلل الموشية، وابن خلدون وابن خلكان وابن الخطيب وابن الأثير والنويرى، وكذلك:
(١) E. Levi Provencal: Reflexions sur l'empire almora vide au debut du XII, sie