"الجزيرة الخضراء Algeciras" وكانت الثانية حملة فى صيف ٥٠٣ هـ (١١٠٩ م) التى أدت إلى احتلاله المؤقت لطلبيرة الواقعة على نهر تاجة، وكانت الثالثة حملة جهاد هى الأخرى أسفرت عن نجاح كان له دوى عظيم إذ استولى على قمبيرة فى صفر ٥١١ هـ (١١١٧ م) بعد حصار دام عشرين يوما أما حملته الرابعة سنة ٥١٥ هـ (١١٢١ م) فلم يجاوز فيها ما وراء قرطبة.
لكن لم تنقطع أبدا عمليات القواد المرابطين الحربية ضد القوى النصرانية الإسبانية سواء ما كان منها فى أرغونة أو فى قشتالة الجديدة، وكان من أعظم الانتصارات الأخيرة البارزة انتصاره فى "فرجة" بإقليم "لاردة" فقد كان الفونس المحارب يحاصر هذه المدينة ثم استنقذها منه القائد المرابطى يحيى بن على بن الغانية الذى أنزل الهزيمة الساحقة بملك أرغونة يوم ٢٣ رمضان ٥٢٨ هـ (١٧ يوليو ١١٣٤ م) وعلى الرغم مما كان عليه علىّ بن تاشفين من بعض الصفات الطيبة التى لا يمكن انكارها إلا أنه كان أبعد ما يكون عما كان عليه أبوه يوسف من العظمة، ومع أنه قضى الشطر الأكبر من حكمه فى مراكش ذاتها إلا أنه يبدو أنه كان صارفا اهتمامه إلى أسبانيا، فقد أوقف معظم نشاطه الحربى لمجاهدة المسيحية ولم يستبق للحفاظ على أمن عاصمته وحراسة الإقليم المغربى الجبلى سوى قوات بسيطة يتألف معظمها من المرتزقة المسيحيين بقيادة القطلونى الذى تحول للإسلام "الروبرتاير". وقد أدت هذه السياسة إلى سقوط مملكته، فقد واكب قيام دولة على بن يوسف منذ اللحظة الأولى عودة ابن تومرت إلى المغرب وظهور دعوة الموحدين وهجمات زعمائهم الحربية الأولى فعاد ذلك بالخسارة عليه لعدم اتخاذه إجراءات فورية وحاسمة ضد الحركة العدوانية.
كذلك وجد علىّ نفسه مضطرا يوما بعد يوم لمواجهة الحقائق التالية وهى أنه أصبح عاجزا عجزًا تاما عن تقوية النظام الذى ورثه عن أبيه، بل كان هو ذاته سبب إحداث شروخ كبيرة فى هذا النظام الذى سرعان ما انهار، لكن ابن يوسف لم يقدر له الحياة ليشاهد هذه النكسة الفادحة فقد مات يوم ٨ رجب