وتتميز الفترة الثانية من الحكم العثمانى (١٨٣٥ - ١٩١١) بغزو داخل البلاد غزوا منتظما عاقته أطماع القبائل وفتنها، على أن المدينة ظلت ٧٦ عامًا خاضعة للعثمانيين كل الخضوع، ولم تتغير أحوال أهلها تقريبًا، ونعمت المدينة بقدر من التقدم بفضل المستعمرات الأجنبية وحدها، وكانت المستعمرة الإيطالية هى الغالبة سواء من حيث العدد أو النفود أو المشروعات الخاصة أو المالية، وفى الخامس من أكتوبر سنة ١٩١١ هبط الجنود الإيطاليون أرض طرابلس.
المدينة؛ النصب التذكارية: ذكرنا فى الملخص التاريخى بعض نصب طرابلس التذكارية، ولن نصف فى هذا المقام الآثار الرومانية والآثار السابقة على العهد الرومانى، كالجبانة التى فى الشمال الغربى من المدينة وقوس مرقس أوريليوس، وحسبنا أن نذكر من نصب المسلمين التذكارية جامع الناقة، وهو من أقدم المساجد، وقد أعاد بناءه صفر بك سنة ١٠١٩ هـ (١٦١٠ - ١٦١١ م)؛ وجامع درغوث أو جامع شائب العين، وقد شيده سنة ١١١٠ هـ (١٦٩٨ - ١٦٩٩ م) محمد باشا الملقب بشائب العين؛ وجامع قره مانلى الذى تم بناؤه فى عهد أحمد باشا قره مانلى سنة ١١٥٠ هـ (١٧٣٧ - ١٧٣٨ م)، وجامع كرجى الذى سبق ذكره؛ وجامع حمودة، وهو يقوم أمام باب من أبواب المدينة، وقد جدد هذه الجوامع بعض الهندسين الإيطاليين لحساب إدارة الأوقاف، وألحقت ببعض المساجد أضرحة (ترب) لها أهمية فنية وتاريخية بالغة. ويجدر بنا أن نذكر منها الضريحين الملحقين بمسجدى طرغود وقره مانلى وضريح ومدرسة مسجد عثمان باشا القريب من قوس مرقس أوريليوس، وكانت الجبانة القديمة خارج الأسوار، فى الزواية الشمالية الغربية من المدينة، وقد أقيم كثير من الشواهد فى الاستحكامات فلما هدمت الاستحكامات وضعت فى متحف المدينة الذى أنشئ بعد الاحتلال الإيطالى؛ وثمة جبانات أخرى خارج المدينة، وأشهرها جبانة سيدى مندر (منيذر، أحد صحابة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-])؛ ولم يترك الاحتلال العثمانى أثرًا بين نصب المدينة التذكارية، فيما عدا بعض العمائر الخاصة والمنشآت العسكرية خارج الأسوار، وبخاصة فى السهل الشرقى وفى المنشية (Menscia)؛ ولم تعدل الحكومة الإيطالية إلا قليلا من مظهر المدينة الإسلامى البادى فى أحيائها