عفى عليها الزمن منذ أمد طويل فدخل فى الدين الجديد بلا مقاومة تذكر أمراء حمير وسلالة الفرس الذين يدعون "الأبناء".
وترجع النقوش التى عثر عليها إلى الآن فى جنوبى بلاد العرب، والمكتوبة بالأبجدية المحلية وهي التى نطلق عليها عادة النقوش الحميرية، إلى عصور جد متفاوتة (أى من حوالى عام ٧٠٠ ق. م إلى ٥٥٠ ق. م تقريبًا) وقليل منها أصله حميرى بالمعنى الأخص للكلمة، وهى تندرج من الناحية اللغوية فى مجموعتين أساسيتين: النقوش السبئية والنقوش المعينية. وتنتسب النصوص الحميرية إلى المجموعة الأولى فى حين نجد أن السكة التى كشفت إلى الآن، وجلّها من الفضة، تنسب فى مجموعها إلى حمير مع استثناء قليل منها ضرب فى عهود قديمة. والأبجدية (ويطلق عليها العرب المسند وإن كانت تسمى فى النقوش بالكتابه فقط) عبارة عن مجموعة متنوعة من الحروف الفينيقية اقتبست للأبجدية الإثيوبية، وهى تحوى جميع حروف اللغة العربية، بإضافة حرف صفير مغاير للسين. ولغة حمير السبئية لهجة عربية تنماز عن عربية الشمال بخصائص نحوية معينة (التمويم بدلا من التنوين واستبدال آن بأداة التعريف وهفعل بأفعل فى الفعل الرباعى) وتنماز منها كذلك فى المفردات. أما قول اللغويين من العرب إن لهجات اليمن المتأخرة بل لهجتى مهرة وقارة هي فروع من لغة حمير القديمة فقد ثبت بطلانه، وإن احتفظوا فى مفرداتهم بمصادر وكلمات كثيرة، لا تعرفها عربية الشمال ولو أنها وجدت فى النقوش.
وقبل أن تكشف هذه النقوش كانت روايات العرب مضافًا إليها الإشارات الضئيلة التى أوردها المصنفون الأقدمون والبيزنطيون مصدرنا الوحيد عن تاريخ اليمن القديم. وقد ذكر القرآن الكريم من قبل تبابعة اليمن، ومن ثم عرف ملوك حمير بهذا الاسم، ونحن نعلم الآن من النقوش أن ملوك سبأ وحمير كانوا يلقبون أنفسهم دائما بـ "الملك" وأن "تبع" تحريف لاسم الأسرة القوية "بتَعْ" من قبيلة همدان، وتعلمنا النقوش