القسم الأول يتيح حجم الأمطار وتوزيعها حراثة العديد من المحصولات على نحو اقتصادى. أما فى القسم الثانى فبالرغم من أن أمطار الشتاء لا تكفى لتسهيل عملية الحراثة على نحو اقتصادى، فإنها تسمح بالنمو الطبيعى لحشائش معينة وعدد كبير من النباتات البصلية الشكل والنباتات التى تنمو فى تربة ملحة، وتلك التى تكثر فيها العصارة، وهذه كلها تشكل مراعى سهب الصحراء. . وحتى يفيد العرب من كل من الأراضى الزراعية والسهب (الاستبس)، فقد عاشوا فى كل العصور نوعين من الحياة: كسكان مقيمين فى الريف أو الحضر، وكبدو يشتغلون بالرعى.
والبداوة -أو حياة الترحل- ضرورة فى استبس الصحراء حيث يختلف حجم الأمطار ما بين خمسين وبين مائة وخمسين ملليمترا، ولكن قبائل البدو لا تعارض العيش المستقر. وبهذه الطريقة أقامت القبائل اليمنية -قبل الإسلام بفترة طويلة- حضارتها على الرى، والحراثة المكثفة للأرض. وبعد غزوات الإسلام، سرعان ما اندمجت القبائل العربية وامتزجت مع الآراميين من سوريا والعراق والقبط من مصر والبربر من شمال أفريقيا واللاتين الأيبريين (نسبة إلى أيبريا) من شبه جزيرة أسبانيا، وذلك حتى يستغلوا معا الأراضى الواسعة للدول العربية الحالية، والأندلس الإسلامية سابقا.
وإذ يتشابه مناخ البحر المتوسط فى كل مكان، فإننا نجد على امتداد هذه المناطق والأراضى الواسعة ثلاثة مناخات زراعية: أولا، فى معظم السهول الساحلية (سواحل سوريا ولبنان وفلسطين وتونس والجزائر والمغرب)، وبسبب درجات الحرارة المعتدلة فى الشتاء، والأمطار السنوية التى يصل حجمها فيما بين خمسمائة وألف وخمسمائة ملليمتر، يكون من الممكن -وبدون رى- حراثة نباتات الحبوب، والنباتات البقلية السنوية، والخضروات المتنوعة والطوباق، والزيتون على وجه الخصوص، بل والقطن أيضا- أما بالرى، فإنه يمكن