وقعت فى يد المختار بن أبى عبيد الذى نجح أنصاره بعد قتالهم الشاميين قتالا عنيفا فى هزيمتهم (فى ذى الحجة ٦٧ = يوليو ٦٨٦) وهزيمة عبيد اللَّه على نهر الخازر وكانوا بقيادة إبراهيم بن الأشتر، وقد ظل العراق السنوات الخمس التالية تحت حكم مصعب بن الزبير الذى استطاع قائده المهلب بن أبى صفرة (بعسكر البصرة) أن يهزم عسكر المختار فى "حروراء" فى رمضان ٦٧ هـ (ابريل ٦٨٧ م) واحتل الكوفة من جديد.
ولما كان عبد الملك راغبا فى إطلاق يده فى محاربة العراق فقد اضطر لأن يبرم مع قيصر الروم هدنة أمدها عشر سنوات، وما كاد هذا الاتفاق يتم حتى زحف عبد الملك من دمشق على مصعب بن الزبير لكنه اضطر للرجوع لاخماد ثورة بالعاصمة أضرمها قريبه "عمرو بن سعيد الأشدق" متخذا من مكانه حصنا له، لكن ما كاد الخليفة يصل إلى دمشق حتى استسلم الأشدق ونزل بعهد أمان ضمن له حريته والحفاظ على حياته، لكن عبد الملك لم يكن مطمئنًا إلى الأشدق إذ سرعان ما قبض عليه وقتله بيده كما تقول الشائعة.
فلما كانت السنة التالية (٧٠ هـ = ٦٩٠ م) عاد لمحاربة مصعب والتقى الجيشان وجها لوجه فى شمالى العراق دون أن يسفر القتال عن شئ، ومن ثم عاود عبد الملك حملته الثالثة بمحاصرة "ظفر بن الحارث"فى "قريقساء" حصارا دام بضعة أشهر سقطت بعدها فى يده فاحتل أرض الجزيرة ثم سار إلى العراق يساعده القيسيون، وتمت هزيمة مصعب وابن الأشتر عند "دير الجثاليق" قرب "مسكن"، ولقى الاثنان مصرعهما وذلك فى جمادى الأولى أو الآخرة (أكتوبر ٦٩١ م) ولقد شارك المهلب بجند من البصرة فى محاربة الخوارج، وأنهكت الحرب معظم العراقيين ولم تجلب عليهم سوى التعب والخسارة، وحدث فى أعقاب دخول الخليفة الكوفة (التى اعلنت طاعتها له) أن جاءت قوة من أهل الشام قوامها ألفا مقاتل بقيادة الحجاج لقتال ابن الزبير فى مكة، وبعد أن تريث الحجاج قليلا بالطائف قام أول ذى القعدة ٧٢ هـ (٢٥