بعد أن هاجمه المسيحية واضُطر للجهاد غريمًا قويًا فعالًا. وتطلب الأمر استخدام كل قوى البلاد المعنوية. وقد كانت تلك هى الفترة التى ثار الإعجاب فيها بالأولياء والصالحين أحياءً وأمواتًا وبخاصة الأشراف منهم الذين وقفوا إلى جانب الإسلام فى المغرب وتولوا قيادة الناس للدفاع عنه، وقد أخذ هؤلاء اعترافًا رسميًا من المخزن بتلك القيادة.
وقبل المرينيين احتاج الإسلام لعون القوة الزمنية الدائم للدفاع عنه ولإحراز تقدمه. ومنذ عهد حكم تلك الأسرة المرينية، المنحدرة من قبيلة بربرية بدوية، انعكس الوضع، وصار الحكام آنذاك هم الذين استغلوا الإسلام ليزيدوا من قوتهم أنفسهم، وحاولوا احتكاره بإنشاء مدارس للتعاليم الدينية؛ وكانت (مدرسة الصغاريين) أول هذه المدارس التى أنشئت سنة ٦٧٩ هـ/ ١٢٨٠ م على يد السلطان أبو يوسف فى فاس، عاصمة البيت الحاكم، الذى جعل منها أكبر مركز ثقافى إسلامى فى غرب بلاد البربر. ولقد قام البيت الحاكم الذى خلف حكم بنى مرين، وهم بنو وَّطاس، بتأسيس ضريح فخم لمؤسس الأسرة إدريس الثانى، ليدفن فيه وقد كان آنذاك محل مهابة كبيرة. ولقد كوَّن إدريس الثانى طريقة (جماعة) دينية، وأخذت سلالته من بعده لقب (الشريف) وسرعان ما لعب الأشراف دورًا مهمًا فى المجتمع المغربى ذا سطوة سياسية ومعنوية، وسرعان ما إزدادت قوة الأدارسة (الشُرفا) بمؤازرة فرع آخر منهم من نسل الحسن بن على (الحسنيين) فكان الإثنان أصل أشراف المغرب: الأدارسة والعلويين. وإلى الغلويين ينتسب بيتا الأشراف: السعديين والغلاليين، ولا يزال الأشراف الفلاليون فى السلطة. ومن لحظة توليهم الحكم، صار نفوذ الشُرفا على مقدرات البلاد هو الأكثر رجحانًا.
ولقد ارتبطت ظاهرة الأشراف بنشأة الطرق الصوفية ورغم أننا وجدنا شواهد على وجودها عند نهاية دولة الموحدين (الحجاجية، المغرينية، الأمغارينية)، فقد تكونت الطريقة الجزولية، التى قاد حملة الجهاد فيها